صفحة جزء
ولما ذكر هذه الخصلة المثمرة لما يلي الخلصة الأولى، ختم بما ينتج الصفة الأولى. فقال مؤذنا بأن إمامة الدين ينبغي أن تطلب ويرغب فيها: والذين يقولون علما منهم بعد اتصافهم بجميع ما مضى أنهم أهل للإمامة: ربنا هب لنا من أزواجنا اللاتي قرنتها بنا كما فعلت لنبيك صلى الله عليه وسلم، فمدحت زوجته في كلامك القديم، وجعلت مدحها يتلى على تعاقب الأزمان والسنين وذرياتنا قرة ولما كان المتقون - الذين يفعلون الطاعة ويسرون بها - قليلا في جنب العاصين، أتى بجمع القلة ونكر فقال: أعين أي من الأعمال أو من العمال يأتمون بنا، لأن الأقربين أولى بالمعروف، ولا شيء أسر للمؤمن ولا أقر لعينه من أن يرى حبيبه يطيع الله، فما طلبوا إلا أن يطاع الله فتقر أعينهم، ف "من" إما تكون مثلها في: رأيت منك أسدا، وإما أن تكون على بابها، وتكون القرة هي الأعمال، أي هب لنا منهم [ ص: 435 ] أعمالا صالحة فجعلوا أعمال من يعز عليهم هبة لهم، وأصل القرة البرد لأن العرب تتأذى بالحر وتستروح إلى البرد، فجعل ذلك كناية عن السرور واجعلنا أي إيانا وإياهم للمتقين أي عامة من الأقارب والأجانب.

ولما كان المطلوب من المسلمين الاجتماع في الطاعة حتى تكون الكلمة في المتابعة واحدة، أشاروا إلى ذلك بتوحيد الإمام وإن كان المراد الجنس، فقالوا: إماما أي فنكون علماء مخبتين متواضعين كما هو شأن إمامة التقوى في إفادة التواضع والسكينة، لنحوز الأجر العظيم، إذ الإنسان له أجره وأجر من اهتدى به فعمل بعمله "من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة" وعكسه.

التالي السابق


الخدمات العلمية