صفحة جزء
ولما اجتمع في كلام فرعون من وتعيير ، بدأ بجوابه عن التعيير لأنه [الأخير فكان أقرب ، ولأنه] أهم ، ثم عطف عليه جوابه عما من به ، فقال موبخا له مبكتا منكرا عليه غير أنه حذف حرف الإنكار إجمالا في القول وإحسانا في الخطاب : وتلك أي : التربية [الشنعاء العظيمة في الشناعة] التي ذكرتنيها ، نعمة تمنها علي [ ص: 23 ] ولما كان سببها ظلمه لقومه ، جعله نفسها فقال مبدلا منها [تنبيها على إحباطها ، وإعلاما بأنها -بكونها نقمة- أولى منها في عدها نعمة] : أن عبدت [أي : تعبيدك وتذليلك على ذلك الوجه البديع المبعد] قومي بني إسرائيل أي : جعلتهم عبيدا ظلما وعدوانا وهم أبناء الأنبياء ، ولسلفهم يوسف عليه السلام عليكم من المنة -بإحياء نفوسكم أولا ، وعتق رقابكم ثانيا- ما لا تقدرون له على جزاء أصلا ، ثم ما كفاك ذلك حتى فعلت ما لم يفعله مستعبد ، فأمرت بقتل أبنائهم ، فكان ذلك سبب وقوعي إليك لأسلم من ظلمك كما مر بيانه ويأتي [إن شاء الله تعالى] مستوفى في سورة القصص.

التالي السابق


الخدمات العلمية