1. الرئيسية
  2. نظم الدرر في تناسب الآيات والسور
  3. سورة القصص
  4. قوله تعالى وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون
صفحة جزء
ولما كان ذلك أحد الأسباب في [رده ، ] ذكر في جملة حالية سببا آخر قريبا منه فقال : وحرمنا أي : منعنا بعظمتنا التي لا يتخلف أمرها ، ويتضاءل كل شيء دونها عليه المراضع جمع مرضعة ، وهي من تكترى للرضاع من الأجانب ، أي : حكمنا بمنعه من الارتضاع منهن ، استعار التحريم للمنع لأنه منع فيه رحمة; قال الرازي في اللوامع : تحريم منع لا تحريم شرع.

ولما كان قد ارتضع من أمه من حين ولدته إلى حين إلقائه في اليم ، فلم يستغرق التحريم الزمان الماضي ، أثبت الجار فقال : من قبل أي : قبل أن تأمر أمه أخته بما أمرتها به وبعد إلقائها له ، ليكون ذلك سببا لرده إليها ، فلم يرضع من غيرها فأشفقوا عليه فأتتهم أخته فقالوا لها : هل عندك مرضعة تدلينا عليها لعله يقبل ثديها؟ فقالت أي : فدنت أخته منه بعد نظرها له فقالت لهم لما رأتهم في غاية الاهتمام برضاعه لما عرضوا عليه المراضع فأبى أن يرتضع من واحدة منهن : هل لكم حاجة في أني أدلكم على أهل بيت ولم تقل : [ ص: 250 ] على امرأة ، لتوسع دائرة الظن يكفلونه لكم أي : يأخذونه ويعولونه ويقومون بجميع مصالحه من الرضاع وغيره لأجلكم ، وزادتهم رغبة بقولها : وهم له ناصحون أي : ثابت نصحهم له ، لا يغشونه نوعا من الغش; قال البغوي : والنصح ضد الغش ، وهو تصفية العمل من شوائب الفساد فكادت بهذا الكلام تصرح بأن المدلول عليها أمه ، فارتابوا من كلامها فاعتذرت بأنهم يعملون ذلك تقربا إلى [الملك] وتحببا إليه تعززا به ، فظنوا ذلك ، وهذا وأمثاله بيان من الله تعالى لأنه لا يعلم أحد في السماوات والأرض الغيب إلا هو سبحانه ، فلا يصح أن يكون غيره إلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية