صفحة جزء
ولما تسبب عن ذلك إهلاكهم قال : فأخذناه أي : بعظمتنا أخذ قهر ونقمة وجنوده أي : كلهم ، وذلك علينا هين ، وأشار إلى احتقارهم بقوله : فنبذناهم أي : على صغرهم وعظمتنا في اليم فكانوا على كثرتهم وقوتهم كحصيات صغار قذفها الرامي الشديد الذراع من يده في البحر ، فغابوا في الحال ، وما آبوا ولا أحد منهم إلى أهل ولا مال. ولما سببت هذه الآية من العلوم ، ما لا يحيط به الفهوم ، قال : فانظر أي : أيها المتعرف للآيات الناظر فيها نظر الاعتبار; وزاد في تعظيم ذلك بالتنبيه على أنه مما يحق له أن يسأل عنه فقال : كيف كان أي : كونا هو الكون عاقبة أي : آخر أمر الظالمين وإن زاد ظلمهم ، وأعيا أمرهم ، ذهبوا في طرفة عين ، كأن لم يكونوا ، وغابوا عن العيون كأنهم قط لم يبينوا ، وسكتوا بعد ذلك الأمر والنهي [ ص: 298 ] فصاروا بحيث لم يبينوا ، فليحذر هؤلاء الذين ظلموا إن استمروا على ظلمهم أن ينقطعوا ويبينوا ، وهذا إشارة عظيمة بأعظم بشارة بأن كل ظالم يكون عاقبته هكذا إن صابره المظلوم المحق ، ورابطه حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين.

التالي السابق


الخدمات العلمية