صفحة جزء
ولما حث على العمل ، بين أنه ليس إلا لنفع العامل ، لئلا يخطر في خاطر ما يوجب تعب الدنيا وشقاء الآخرة من اعتقاد ما لا يليق بجلاله تعالى ، فقال عاطفا على ما تقديره : فمن أراح نفسه في الدنيا فإنما [ ص: 394 ] ضر نفسه : ومن جاهد أي : بذل جهده حتى كأنه يسابق آخر في الأعمال الصالحة فإنما يجاهد لنفسه لأن نفع ذلك له فيتعبها ليريحها ، ويشقيها ليسعدها ، ويميتها ليحييها ، وعبر بالنفس لأنها الأمارة بالسوء ، وإنما طوى ما أدعى تقديره لأن السياق للمجاهدة ، ثم علل هذا الحصر بقوله : إن الله أي : المتعالي عن كل شائبة نقص لغني وأكد لأن كثرة الأوامر ربما أوجبت للجاهل ظن الحاجة ، وذلك نكتة الإتيان بالاسم الأعظم ، وبين أن غناه الغنى المطلق بقوله موضع "عنه" ، عن العالمين فلا تنفعه طاعة ولا تضره معصية.

التالي السابق


الخدمات العلمية