صفحة جزء
ولما كان التقدير : ألم تروا إلى مصارعهم؟ واتساق الحال في أمرهم؟ فيكفيكم ذلك زاجرا ، عطف عليه للدلالة على الرجوع إليه منكرا قوله : أولم يروا بالخطاب في قراءة حمزة والكسائي و[في] رواية عن أبي بكر عن عاصم جريا على النسق السابق ، وبالغيب للباقين ، إعراضا للإيذان بالغضب كيف يبدئ الله أي : الذي له كل كمال الخلق أي : يجدد إبداءه في كل لحظة ، وهو بالضم من أبدأ ، وقرئ بالفتح من بدأ ، وهما معا بمعنى الإنشاء من العدم; [ ص: 415 ] قال القزاز : أبدأت الشيء أبدئه إبداء - إذا أنشأته- والله المبدئ أي : الذي بدأ الخلق ، يقال : بدأهم وأبدأهم ، وفي القاموس : بدأ الله الخلق : خلقهم كأبدأ. ورؤيتهم للإبداء موجودة في الحيوان للإبداء والإعادة في النبات ، ولا فرق في الإعادة بين شيء وشيء فيكون قوله : ثم يعيده أي : يجدد إعادته في كل لمحة معطوفا على يبدئ ولو لم يكن كذلك لكان عطفه عليه من حيث إن مشاهدة حال الابتداء جعلت مشاهدة لحال الإعادة من حيث إنه لا فرق ، ولا حاجة حينئذ إلى تكلف عطفه على الجملة من أولها ، ثم حقر أمره بالنسبة إلى عظيم قدرته ، فقال ذاكرا نتيجة الأمر السابق : إن ذلك أي : الإبداء والإعادة ، وأكد لأجل إنكارهم على الله يسير لأنه الجامع لكل كمال ، المنزه عن كل شائبة نقص.

التالي السابق


الخدمات العلمية