صفحة جزء
ولما كانوا مع هذا الفعل] - الذي لا يفعله إلا مسلوب العقل - يدعون أنهم أعقل الناس وأبصرهم بلوازم الأفعال وما يشين الرجال ، وكان فعلهم هذا كفرا للنعمة ، مع ادعائهم أنهم أشكر الناس للمعروف ، قال مبينا أن عادتهم مخالفة لعادة المؤمنين في [جعلهم نعمة النجاة سببا لزيادة طاعاتهم ، فعلم أنه ما كان إخلاصهم في البحر إلا صورة لا حقيقة لها : ] ليكفروا بما آتيناهم على عظمتنا من هذه النعمة التي يكفي في عظمتها أنه لا يمكن غيرنا أن يفعلها ما أشركوا إلا لأجل هذا الكفر ، وإلا لكانوا فاعلين لشيء من غير قصد ، فيكون ذلك فعل من لا عقل له أصلا وهم يحاشون عن مثل ذلك وليتمتعوا بما يجتمعون [ ص: 478 ] عليه في الإشراك من التواصل والتعاون ، وعند من سكن اللام - وهم ابن كثير وحمزة والكسائي وقالون عن نافع - يكون معطوفا تهديدا على مقدر هو "فليكفروا" أو على ليكفروا السابق ، على أن لامه للأمر ، وسيأتي في الروم إن شاء الله تعالى ما يؤيده فسوف يعلمون بوعد لا خلف فيه ما يحل بهم بهذا الفعل الذي هو دائر بين كفر وجنون.

التالي السابق


الخدمات العلمية