صفحة جزء
ولما كانوا مع كثرة مرورهم على ديارهم، ونظرهم لآثارهم، وسماعهم لأخبارهم، لم يتعظوا، أشير إلى أنهم عدم، بصرف الخطاب عنهم، وتوجيهه إلى السامع المطيع، فقال مسببا عما مضى من إقامة الأدلة [ ص: 108 ] والوعظ والتخويف: فأقم أي يا من لا يفهم عنا حق الفهم سواه، لأنا فضلناه على جميع الخلق وجهك أي لا تلفته أصلا للدين القيم الذي لا عوج فيه بوجه، بل هو عدل كله، من التبري من الأوثان إلى التلبس بمقام الإحسان، فالزمه واجعله بنصب عينك لا تغفل عنه ولا طرفة عين، لكونه سهلا فيما تسبب الإعانة عليه في الظاهر [بالبيان الذي ليس معه خفاء، وفي الباطن] بالجبل عليه حتى أنه ليقبله الأعمى والأصم والأخرس، ويصير فيه كالجبل رسوخا.

ولما كان حفظ الاستقامة عزيزا، أعاد التخويف لحفظ أهلها، فقال ميسرا الأمر بعدم استغراق الزمان بإثبات الجار، إشارة إلى الرضا باليسير من العمل ولو كان ساعة من نهار، بشرط الاتصال بالموت: من قبل وفك المصدر للتصريح فقال: أن يأتي يوم أي عظيم، وهو يوم القيامة، أو الموت، وأشار إلى تفرده سبحانه في الملك بقوله: لا مرد له ولفت الكلام في رواية قنبل من مظهر العظمة إلى أعظم منه لاقتضاء المقام ذلك [وأظهر في رواية الباقين لئلا يتوهم عود الضمير إلى الدين فقال]: من الله وإذا لم يرده هو لوعده بالإتيان به، وهو ذو الجلال [ ص: 109 ] والإكرام، فمن الذي يرده.

ولما حقق إتيانه، فصل أمره مرغبا مرهبا، فقال: يومئذ أي إذ يأتي يصدعون أي تتفرق الخلائق [كلهم] فرقة قد تخفى على بعضهم، بما أشار إليه الإدغام، فيقولون: ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار.

التالي السابق


الخدمات العلمية