صفحة جزء
ولما انكشف بذلك الغطاء، وزاحت الشبه، أعرض سبحانه عنهم على تقدير أن يكون "ترى" لمن فيه أهلية الرؤية إيذانا بأنه لا فهم لهم ملتفتا إلى خلاصة الخلق الصالح للتلقي [عنه] قائلا مسببا عن ذلك: فانظر ولما كان المراد تعظيم النعمة، وأن الرزق أكثر من الخلق، [عبر بحرف الغاية] إشارة إلى تأمل الأقصى بعد تأمل الأدنى فقال: إلى آثار ولما لم يكن لذلك سبب سوى سبق رحمته لغضبه قال: رحمت الله للجامع لمجامع العظة، وأظهر ولم يضمر تنبيها على [ ص: 122 ] ما في ذلك من تناهي العظمة في تنوع الزروع بعد سقيا الأرض واهتزازها بالنبات واخضرار الأشجار واختلاف الثمار، وتكون الكل من ذلك الماء.

ولما كان هذا من الخوارق العظيمة، ولكنه قد تكرر حتى صار مألوفا، نبه على عظمته بأنه أهل لأن يسأل عنه فقال: كيف يحيي أي هذا الأثر أو الله مرة بعد أخرى الأرض بإخراج ما ذكر منها.

ولما كانت قدرته على تجديد إحيائها دائمة - على ما أشار إليه المضارع ودعا إليه مقصود السورة، أشار إلى ذلك أيضا بترك الجار فقال: بعد موتها بانعدام ذلك.

ولما كان هذا دالا على القدرة على إعادة الموتى ولا بد لأنه مثله سواء، فإن جميع ما لا ينبته الآدميون يتفرق في الأرض بعد كونه هشيما تذروه الرياح، ويتفتت بحيث يصير ترابا، فإذا نزل عليه الماء عاد كما كان أو أحسن قال: إن ذلك أي العظيم الشأن الذي قدر على هذا لمحيي الموتى كلها من الحيوانات والنباتات، أي ما زال قادرا على ذلك ثابتا له هذا الوصف ولا يزال وهو مع ذلك [ ص: 123 ] على كل شيء من ذلك وغيره قدير لأن نسبة القدرة منه سبحانه إلى كل ممكن على حد سواء.

التالي السابق


الخدمات العلمية