صفحة جزء
ولما كان هذا كله من حالهم في سرعة الحزن والفرح في حالتي الشدة والرخاء وإصرارهم على تجديد الكفر دليلا على خفة أحلامهم، وسوء تدبرهم، فإنهم لا للآيات المرئية يعون، ولا للمتلوة عليهم يسمعون، سبب عن ذلك التعريف بأن أمرهم ليس لأحد غيره سبحانه وهو قد جعلهم [أموات] المعاني، فقال ممثلا لهم بثلاثة أصناف من الناس، وأكده لأنهم ينكرون أن يكون حالهم كذلك والنبي صلى الله عليه وسلم شديد السعي في إسماعهم والجهد في ذلك: فإنك أي استدامتهم لكفرهم هذا تارة في الرخاء وتارة في الشدة وقوفا مع الأثر من غير نظر ما إلى المؤثر وأنت تتلو عليهم آياته، وتنبههم على بدائع بيناته بسبب أنك لا تسمع الموتى أي ليس في قدرتك إسماع الذين لا حياة لهم، فلا نظر ولا سمع، أو موتى القلوب، إسماعا [ ص: 125 ] ينفعهم، لأنه مما اختص به سبحانه، وهؤلاء منهم من هم مثل الأموات لأن الله تعالى قد ختم على مشاعرهم ولا تسمع أي أنت في قراءة الجماعة غير ابن كثير الصم أي الذين لا سمع لهم أصلا، وذكر ابن كثير الفعل من سمع ورفع الصم على أنه فاعل، فكان التقدير: فإن من مات أو مات قلبه ولا يسمع ولا يسمع الصم الدعاء إذا دعوتهم، ثم لما كان الأصم قد يحس بدعائك إذا كان مقبلا بحاسة بصره قال: إذا ولوا وذكر الفعل ولم يقل: ولت، إشارة إلى قوة التولي لئلا يظن أنه أطلق على المجانبة مثلا، ولذا بنى من فاعله حالا هي قوله: مدبرين

التالي السابق


الخدمات العلمية