صفحة جزء
ولما كان قد ثبت في سورة "الملائكة"؛ أنه - سبحانه - الملك الأعلى؛ لما ثبت له من تمام القدرة؛ وشمول العلم؛ وكان من أجل ثمرات [ ص: 90 ] الملك إرسال الرسل إلى الرعايا؛ بأوامر الملك؛ وردهم عما هم عليه مما دعتهم إليه النفوس؛ وقادتهم إليه الشهوات؛ والحظوظ؛ إلى ما يفتحه لهم من الكرم؛ ويبصرهم به من الحكم؛ وكانت الرسالة أحد الأصول الثلاثة التي تنقل الإنسان من الكفر إلى الإيمان؛ وكانت هي المنظور إليها أولا؛ لأنها السبب في الأصلين الآخرين؛ وكانوا قد ردوا رسالته نفورا واستكبارا؛ قال - مقدما لها تقديم السبب على مسببه؛ على وجه التأكيد البليغ؛ مع ضمير الخطاب؛ الذي لا يحتمل لبسا -: إنك لمن المرسلين ؛ أي: الذين حكمت عقولهم على دواعي نفوسهم؛ فصاروا - بما وهبهم الله من القوة النورانية - كالملائكة؛ الذين قدم في السورة الماضية أنهم رسله؛ وفي عدادهم؛ بما تخلقوا به من أوامره؛ ونواهيه؛ وجميع ما يرتضيه.

التالي السابق


الخدمات العلمية