صفحة جزء
ولما كان قد كتب الله في القدم سلامته من كل سوء؛ على كثرة الأعداء؛ وطول الإقامة فيهم؛ وشدة الخلاف؛ قال (تعالى) - مستأنفا؛ مادحا -: سلام ؛ أي: عظيم؛ على نوح ؛ من كل حي؛ من الجن؛ والإنس؛ والملائكة؛ لسلام الله عليه؛ ولما كان لسان جميع أهل الأرض في زمانه - عليه السلام - واحدا؛ فكانوا كلهم قومه؛ ولم يكن في زمانه نبي؛ فكانت نبوته قطب دائرة ذلك الوقت؛ فكانت رسالته عامة لأهله؛ وكان غير الناس من الخلق لهم تبعا؛ خصه في السلام؛ بأن قال: في العالمين ؛ أي: مذكور فيهم كلهم؛ لفظا ومعنى؛ يسلم عليه دائما إلى أن تقوم الساعة؛ وخصوصية نبينا - صلى الله عليه وسلم - بأنه أرسل إلى جميع الخلق؛ مع اختلاف الألسنة؛ ومع استمرار الرسالة؛ أبد الآباد؛ وكون شريعته ناسخة غير منسوخة؛ وكون جميع الخلق في القيامة تحت لوائه؛ فهناك يظهر تمام ما أوتيه من عموم البعثة؛ إلى ما ظهر منه في الدنيا.

التالي السابق


الخدمات العلمية