صفحة جزء
ولما انتفى عنهم - بما مضى - وعن كل من يدعون ممالأته؛ ومناصرته عن آلهتهم؛ وغيرها؛ خصائص الإلهية؛ أنتج ذلك أنهم من جملة عباده - سبحانه -؛ فعبر عن حالهم بأعلى ما يصلون إليه من التجمع؛ والتعاضد؛ الذي دل عليه ما تقدم الإخبار عنه؛ من عزتهم وشقاقهم؛ ونفرتهم عن القبول؛ وانطلاقهم؛ فقال - مخبرا عن مبتدإ حذف؛ لوضوح العلم به -: [ ص: 339 ] جند ما ؛ أي: ليسوا في شيء مما مضى؛ وإنما هم جند حقيرون؛ من بعض جنودنا؛ متعاونون في نجدة بعضهم لبعض؛ قال أبو حيان : ويجوز أن تكون "ما"؛ صفة؛ أريد بها التعظيم؛ على سبيل الهزء بهم؛ أو التحقير؛ لأن "ما"؛ الصفة؛ تستعمل لهذين المعنيين؛ وبين بعدهم عن غير ما أقامهم فيه؛ واستعملهم له من الرتب التي فرضها لهم؛ وسفولهم عنها؛ بقوله - واصفا لـ "جند" -: هنالك ؛ أي: في الحضيض عن هذه المرامي العالية؛ وبين أنه كثيرا ما تحزب أمثالهم على الرسل؛ فما ضروا إلا أنفسهم؛ بقوله - واصفا بعد وصف؛ مفردا تحقيرا -: مهزوم ؛ أي: له الانهزام صفة راسخة ثابتة؛ من الأحزاب ؛ أي: الذين جرت عادتهم عزة وشقاقا بالتحزب على الأنبياء؛ ثم تكون عليهم الدائرة؛ وللرسل - عليهم السلام - العاقبة؛ فلا تكترث بهم أصلا؛ قال ابن برجان : فكان أول جند مهزوم منهم جند غزوة "بدر"؛ ثم انبسط [ ص: 340 ] صدق الحديث على جنود كثيرة في وقائع مختلفة.

التالي السابق


الخدمات العلمية