صفحة جزء
ولما كان ذلك غاية في الشرف؛ دل على زيادة شرفه بحال مؤكدة؛ دالة على شدة عنادهم؛ تسمى "موطئة"؛ لأن الحال في الحقيقة ما بعدها؛ بقوله: قرآنا ؛ أي: حال كون ذلك المضروب جامعا لكل ما يحتاج إليه؛ ويجوز أن يكون النصب على المدح؛ عربيا ؛ جاريا على قوانين لسانهم في جمعه؛ باتساعه؛ ووضوحه؛ واحتمال اللفظ الواحد منه لمعان كثيرة؛ فكيف إذا انضم إلى غيره فصار كلاما؟! ولما كان الشيء قد يكون مستقيما بالفعل؛ وهو معوج بالقوة؛ قال (تعالى): غير ذي عوج ؛ أي: ليس بمنسوب إلى شيء من العوج؛ ولا من [ ص: 497 ] شأنه العوج؛ فلا يصح أن يكون معوجا أصلا في شيء من نظمه؛ ولا معناه؛ باختلاف ولا غيره؛ كما في آية "الكهف" سواء؛ وفي الإتيان بـ "عوج"؛ الذي هو مختص بالمعاني؛ بيان أن الوصف له حقيقة؛ فهو أبلغ من "غير معوج"؛ لأنه يحتمل إرادة أهله؛ على المجاز.

ولما كان التذكر بالتذكير - لكونه أبلغ للوعظ - حاملا؛ ولا بد؛ للعاقل على الخوف المسبب للنجاة؛ قال: لعلهم يتقون ؛ أي: ليكون حالهم بعد التذكر الناشئ عن التذكير؛ حال من يرجى له أن يجعل بينه وبين غضب الله وقاية.

التالي السابق


الخدمات العلمية