صفحة جزء
ولما ذكر أشرف الموت؛ بادئا بأشرفه؛ ذكر ما دونه؛ بادئا بأدناه؛ فقال: ولئن متم أو قتلتم ؛ أي: في أي وجه كان؛ على حسب ما قدر عليكم في الأزل؛ لإلى الله ؛ أي: الذي هو متوفيكم؛ لا غيره؛ وهو ذو الجلال والإكرام؛ الذي ينبغي أن يعبد لذاته؛ ودل على عظمته؛ بعد الدلالة بالاسم الأعظم؛ بالبناء للمجهول؛ فقال: تحشرون ؛ فإن كان ذلك الموت؛ أو القتل على طاعته؛ أثابكم؛ وإلا عاقبكم؛ والحاصل أنه لا حيلة في دفع الموت على حالة من الحالات؛ قتل؛ أو غيره؛ ولا في الحشر إليه - سبحانه وتعالى -؛ وأما الخلاص من هول ذلك اليوم؛ ففيه حيلة بالطاعة؛ والله - سبحانه وتعالى – الموفق؛ وما أحسن ما قال عنترة في نحوه! وهو [ ص: 106 ] جاهلي؛ فالمؤمن أولى منه بمثل ذلك:


بكرت تخوفني الحتوف كأنني ... أصبحت عن غرض الحتوف بمعزل

    فأجبتها إن المنية منهل
... لا بد أن أسقى بكأس المنهل

    فاقني حياءك لا أبا لك واعلمي
... أني امرؤ سأموت إن لم أقتل



التالي السابق


الخدمات العلمية