صفحة جزء
ولما كان قول نعيم بن مسعود؛ أو ركب عبد القيس عند الصحابة - رضي الله عنهم - صدقا؛ لا شك فيه؛ لما قام عندهم من القرائن؛ فكان بمنزلة المتواتر الذي تمالأ عليه الخلائق؛ وكانت قريش أعلى الناس شجاعة؛ وأوفاهم قوة؛ وأعرقهم أصالة؛ فكانوا كأنهم جميع الناس؛ كان التعبير - بصيغة العموم؛ في قوله: الذين قال لهم الناس ؛ أي: نعيم؛ أو ركب عبد القيس؛ إن الناس ؛ يعني قريشا؛ قد جمعوا لكم فاخشوهم - أمدح للصحابة - رضي الله عنهم - من التعبير عمن أخبرهم؛ ومن جمع لهم؛ بخاص اسمه؛ أو وصفه. [ ص: 130 ] ولما كان الموجب لإقدامهم على اللقاء بعد هذا القول الذي لم يشكوا في صدقه؛ ثبات الإيمان وقوة الإيقان؛ قال (تعالى): فزادهم ؛ أي: هذا القول؛ إيمانا ؛ لأنه ما ثناهم عن طاعة الله؛ ورسوله؛ وقالوا ؛ ازدراء بالخلائق؛ اعتمادا على الخالق؛ حسبنا ؛ أي: كافينا؛ الله ؛ أي: الملك الأعلى؛ في القيام بمصالحنا؛ ولما كان ذلك هو شأن الوكيل؛ وكان في الوكلاء من يذم؛ قال: ونعم الوكيل ؛ أي: الموكول إليه؛ المفوض إليه جميع الأمور; روى البخاري في التفسير؛ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "هذه الكلمة قالها إبراهيم - عليه السلام - حين ألقي في النار؛ وقالها محمد - صلى الله عليه وسلم - حين قالوا: إن الناس قد جمعوا لكم"؛ وقال: "كان آخر كلمة قالها إبراهيم - عليه السلام - حين ألقي في النار: "حسبي الله ونعم الوكيل"؛

التالي السابق


الخدمات العلمية