صفحة جزء
ولما طال التحذير؛ والزجر؛ والتهويل؛ في شأن اليتامى؛ وكان ذلك ربما أوجب النفرة من مخالطتهم رأسا؛ فتضيع مصالحهم; وصل بذلك ما بين أن ذلك خاص بالظالم؛ في سياق موجب لزيادة التحذير؛ فقال مؤكدا لما كان قد رسخ في نفوسهم من الاستهانة بأموالهم: إن الذين ؛ ولما كان الأكل أعظم مقاصد الإنسان؛ عبر به عن جميع الأغراض؛ فقال: يأكلون أموال اليتامى ظلما ؛ أي: أكلا هو في غير موضعه؛ بغير دليل يدل عليه؛ فهو كفعل من يمشي في الظلام؛ ثم أتبعه ما زاده تأكيدا؛ بالتحذير في سياق الحصر؛ فقال: إنما يأكلون ؛ أي: في الحال؛ وصور الأكل وحققه؛ بقوله: في بطونهم نارا ؛ أي [ ص: 203 ] تحرق المعاني الباطنية؛ التي تكون بها قوام الإنسانية؛ وبين أنها على حقيقتها في الدنيا؛ ولكنا لا نحسها الآن؛ لأنها غير النار المعهودة في الظاهر بقوله - مكررا التحذير؛ مبينا - بقراءة الجماعة بالبناء للفاعل - أنهم يلجؤون إليها إلجاء يصيرهم كأنهم يدخلونها بأنفسهم -: وسيصلون ؛ أي: في الآخرة - بوعيد حتم؛ لا خلف فيه؛ سعيرا ؛ أي: عظيما؛ هو نهاية في العظمة؛ وذلك هو معنى قراءة ابن عامر؛ وعاصم؛ بالبناء للمجهول؛ أي: يلجئهم إلى صليها ملجئ قاهر؛ لا يقدرون على نوع دفاع له.

التالي السابق


الخدمات العلمية