صفحة جزء
ولما بين - سبحانه - المقبول؛ أتبعه المطرود؛ فقال: وليست التوبة ؛ أي: قبولها؛ للذين يعملون السيئات ؛ أي: واحدة بعد أخرى؛ مصرين عليها؛ فسقة كانوا أو كفرة؛ غير راجعين من قريب؛ بل يمهلون؛ حتى إذا حضر ؛ ولما كان تقديم المفعول - على وجه يجوز كل سامع وقوعه عليه - أهول؛ لكونه يصير مرتقبا حال فاعله؛ خائفا من عاقبته؛ قال: أحدهم الموت ؛ أي: بأن وصل إلى حد الغرغرة؛ وهي [ ص: 222 ] حالة المعاينة؛ قال ؛ أي: بلسانه – كفرعون - أو قلبه؛ إني تبت الآن ؛ فبين أن ما قبل الاحتضار قريب مع الترغيب في المسارعة جدا؛ بالتعبير بـ "قريب"؛ ولا الذين ؛ أي: وليست التوبة للذين؛ يموتون وهم كفار ؛ حقيقة؛ أو مجازا؛ من غير أن يتوبوا؛ ولا عند الغرغرة؛ فسوى بين الفسق؛ والكفر؛ تنفيرا من الفسق؛ لصعوبة النزع عنه بعد مواقعته؛ ولذلك جمعهما في العذاب بقوله - جوابا لمن كأنه قال: فما جزاء هذين الصنفين؟ -: أولئك ؛ أي: البعداء من الرحمة؛ الذين لم يتوبوا إلا حال الغرغرة؛ والذين ماتوا مصرين؛ أعتدنا ؛ أي: هيأنا؛ وأحضرنا؛ لهم عذابا ؛ ولما كان تأخير التوبة لذة نفسانية؛ ختم بقوله: أليما ؛ أي: نعذب به الكافرين؛ ومن شئنا من عصاة المؤمنين؛ لأن توبتهم في تلك الحالة عدم؛ والميت من غير توبة من المؤمنين في المشيئة.

التالي السابق


الخدمات العلمية