صفحة جزء
ولما كان هذا موجعا لإشعاره بإعراضهم مع عدم الحيلة في ردهم، عرف بأن ذلك إنما هو إليه و[ أنه -] القادر عليه فقال جوابا لمن كأنه قال: فما الحيلة في أمرهم - مكملا لقسمي الدين بالاستعانة بعد بيان قسمه الآخر وهو العبادة: الله أي المحيط بجميع صفات الكمال لا إله إلا هو فهو القادر على الإقبال [ بهم -] ولا يقدر على ذلك غيره، فإليه اللجاء في كل دفع ونفع وهو المستعان في كل شأن فإياه فليرج في هدايتهم المهتدون وعلى الله أي الذي له الأمر كله لا على غيره. ولما كان [ مطلق -] الإيمان هو التصديق بالله باعتقاد أنه القادر على كل شيء فلا أمر لأحد معه ولا كفوء له فكيف بالرسوخ فيه، نبه على [ هذا -] المقتضي للربط بالفاء والتأكيد بلام الأمر في قوله: فليتوكل المؤمنون أي يوجد التوكيل إيجادا هو في غاية الظهور والثبات العريقون في هذا الوصف في رد المتولي منهم إن حصل منهم تول وكذا في كل مفقود فالعفة ليست مختصة بالموجود فكما أن قانون العدل في الموجود الطاعة فقانون العدل في المفقود التوكل وكذا فعل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فكان لهم الحظ الأوفر في كل [ ص: 128 ] توكل لا سيما حين ارتدت العرب بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وكان أحقهم بهذا الوصف الصديق رضي الله تعالى عنه كما يعرف ذلك من ينظر الكتب المصنفة في السير وأخبار الردة لا سيما كتابي المسمى في أخبار الردة.

التالي السابق


الخدمات العلمية