صفحة جزء
ولما كان هذا إخبارا بجنونهم المستلزم لضلالهم على هذا الوجه المتصف، وكان مثل هذا [ قد - ] يقع في محاورات الناس بضرب من الظن، استأنف تعالى ما هو كالتعليل لما أفاده السياق من هذا الحكم [ ص: 296 ] عليهم إعلاما بأنه ناشئ عن علم قطعي لا مرية فيه بوجه، فقال مؤكدا لأجل إنكارهم لأن يكون الأمر على ما أفاده ما تقدم: إن ربك أي الذي رباك أحسن تربية وجبلك على أعظم الخلائق هو أي وحده أعلم [ أي - ] من كل أحد لا سيما من يتحرض بمن ضل أي حار وجار وذهب وزل وضاع وغاب غيبة عظيمة لا يهتدي منها، وسلك غير سبيل القصد، وأخطأ موضع الرشد، معرضا عن سبيله فكان أجن المجانين لأنه سبحانه وتعالى خالقهم، وشارعه "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" ولا سيما وهو الحي القيوم الذي لا يغفل وهو أي خاصة أعلم بالمهتدين أي الثابتين على الهدى وهم أولو الأحلام والنهى، وهذا سر القدر الذي يقال: إنه إنما يظهر يوم الحاقة.

التالي السابق


الخدمات العلمية