صفحة جزء
ولما كان يوم القيامة في غاية الصعوبة وكان أحد مشغولا بنفسه، فكان لا علم له بتفاصيل ما يتفق لغيره، وكان أولياء الله إذا دخلوا دار كرامته أرادوا العلم بما فعل بأعدائهم فيه سبحانه، فتساءلوا عن حالهم فقال بعضهم لبعض: لا علم لنا، فكشف [الله -] لهم عنهم حتى رأوهم في النار وهي تسعر بهم ليقر الله أعينهم بعذابهم، زيادة في نعيمهم وثوابهم، كما تقدم في الصافات عند قوله قال قائل منهم إني كان لي قرين وكان [بساط -] الكلام دالا على هذا كله، أشار لنا سبحانه إليه بقوله حكاية عما يقول لهم أولياؤهم توبيخا [ ص: 73 ] وتعنيفا وشماتة وتقريعا تصديقا لقوله تعالى فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون الآية، ولتكون حكاية ذلك موعظة للسامعين وذكرى للذاكرين: ما هي محتملة للتوبيخ والتعجيب سلككم أي أدخلكم أيها المجرمون إدخالا هو في غاية الضيق حتى كأنكم السلك في الثقب في سقر فكان هذا الخطاب مفهما لأنهم لما تساءلوا نفوا العلم عن أنفسهم، وكان من المعلوم أن نفي العلم لأنهم شغلوا عن ذلك بأنفسهم وأنهم ما شغلوا - مع كونهم من أهل السعادة - إلا لأن ذلك اليوم عظيم الشواغل، وكان من المعلوم أنه إذا تعذر عليهم علم أحوالهم من أهل الجنة وهم غير مريدين الشفاعة فيهم فلم يبق لهم طريق إلى علم ذلك لا يظن به التعريض للشفاعة إلا السؤال منهم عن أنفسهم في أنهم يخاطبونهم بذلك فيعلمون علمهم ليزدادوا بذلك غبطة وسرورا بما نجاهم الله من مثل حالهم ويكثروا من الثناء على الله تعالى بما وفقهم له وليكون ذلك عظة لنا بسماعنا إياه فحكى الله أنهم لما سألوهم

التالي السابق


الخدمات العلمية