صفحة جزء
ثم أتبعه بعيب هذا الخائن؛ وقلة تأمله؛ والإعلام بأن المجادلة عنه قليلة الجدوى؛ فقال - سبحانه وتعالى - معجبا منهم بما هو كالتعليل لما قبله -: يستخفون ؛ أي: هؤلاء الخونة: طعمة؛ ومن مالأه؛ وهو يعلم باطن أمره؛ من الناس ؛ حياء منهم؛ وخوفا من أن يضروهم لمشاهدتهم لهم وقوفا مع الوهم؛ كالبهائم؛ ولا يستخفون ؛ أي: يطلبون ويوجدون الخفية بعدم الخيانة؛ من الله ؛ أي: الذي لا شيء أظهر منه؛ لما له من صفات الكمال؛ وهو ؛ أي: والحال أنه؛ معهم ؛ لا يغيب عنه شيء من أحوالهم؛ ولا يعجزه شيء من نكالهم؛ فالاستخفاء منه لا يكون إلا بترك الخيانة؛ ومحض الإخلاص؛ فواسوأتاه من أغلب الأفعال؛ والأقوال؛ والأحوال؛ إذ ؛ أي: حين؛ يبيتون ؛ أي: يرتبون ليلا؛ على طريق الإمعان في الفكر؛ والإتقان للرأي؛ ما لا يرضى من القول ؛ أي: من البهت؛ والحلف عليه؛ فلا يستحيون منه؛ ولا يخافون؛ لاستيلاء الجهل والغفلة على قلوبهم؛ وعدم إيمانهم بالغيب. [ ص: 395 ] ولما أثبت علمه - سبحانه وتعالى - بهذا؛ من حالهم؛ عمم فقال: وكان الله ؛ أي: الذي كل شيء في قبضته؛ لأنه الواحد الذي لا كفؤ له؛ بما يعملون ؛ أي: من هذا؛ وغيره؛ محيطا ؛ أي: علما وقدرة.

التالي السابق


الخدمات العلمية