صفحة جزء
عاملة أي مجتهدة في الأعمال التي تبتغي بها النجاة حيث لا نجاة بفوات دار العمل فتراها جاهدة فيما كلفتها به الزبانية من جر السلاسل والأغلال وخوض الغمرات من النيران ونحو ذلك كأن يقال له: أد الأمانة ثم تمثل له أمانته في قعر جهنم، فتكلف النزول إليها ثم يحملها على عنقه ويصعد في جبال النيران حنى إذا كاد أن يصل إلى أعلاها سقطت منه فيتكلف النزول إليها وهكذا، وهذا بما كان يهمل العمل في الدنيا ناصبة أي هي في ذلك في غاية التعب والدؤوب في العمل والاجتهاد - هذه رواية العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وذلك لأنهم لم يخشوا الله في الدنيا فلم يعملوا له فلم ينصبوا في طاعته أجسادهم فاضطرهم في ذلك اليوم إلى أعظم مما أبوه في الدنيا مع المضرة دون المنفعة، ويجوز أن يراد بها الذين تعبوا ونصبوا في الدنيا أجسامهم وهم على غير [ ص: 4 ] دين الإسلام كالرهبان من النصارى بعد النسخ وزنادقة المتصوفة من الفلاسفة وأتباعهم، بأن يكون " وجوه " مبتدأ و " يومئذ " خبره أي كائنة يومئذ، ثم يقدر ما بعده في جواب سؤال سائل يقول: ما شأنها؟ فأجيب بقوله: خاشعة، أي في الدنيا - إلى آخره، وهذا قول ابن عباس رضي الله عنهما في رواية عطاء عنه.

التالي السابق


الخدمات العلمية