صفحة جزء
[ ص: 7 ] ولما حصر أكلهم في هذا، وكان الضريع المعروف عند العرب قد يتصور متصور أنه لو أكره شيء على أكله أسمنه أو سد جوعته، وكان الضريع المأكول لهم في القيامة شوكا من نار كما ورد تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم نفى عند فائدة الطعام، فقال واصفا الضريع أو الطعام المقدر بعد "إلا" بما يفهمه تحامي الإبل التي ترعى كل نابت وهي أعظم الحيوانات إقبالا على أنواع الشوك له من أنه ضر بلا نفع لا يسمن [أي] فلا يشبع ولا يقوي لأنه يلزم ما يسمن، فعدمه يلازم عدمه.

ولما نفى عنه ما هو مقصود أهل الرفاهية وبدأ به [لأن المقام] له نفي ما يقصد للكفاف فقال تعالى: ولا يغني أي يكفي كفاية مبتدئة من جوع فلا يحفظ الصحة ولا يمنع الهزال، والمقصود من الطعام أحد الأمرين، وذلك لأنهم كانوا يأكلون الحرام الذي تنبت عليه لحومهم فيفسدها بفساده وتنمو به نفوسهم فيخبثها بخبثه ويتغذون بالشبه أيضا ويباشرونها في جميع أوقاتهم ويباشرون العلوم التي تظلم [ ص: 8 ] القلوب كالفلسفة والشعر والسحر ونحو ذلك مما يجر إلى البدع. والآية من الاحتباك: نفي السمن أولا يدل على إثبات الهزال ثانيا، ونفي الإغناء من الجزع ثانيا يدل على نفي الشبع أولا، ومن جعل ذلك صفة الطعام أفسد المعنى لأنه يؤول إلى: ليس لهم طعام منفي عنه الإسمان والإغناء، بل لهم طعام لا ينفي عنه ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية