صفحة جزء
ولما علل (تعالى) لعنهم بعصيانهم؛ وغلوهم في الباطل؛ بينه؛ مخصصا للعلماء منهم بزيادة تهديد؛ لأنهم؛ مع كونهم على المنكر؛ لا ينهون غيرهم عنه؛ مع أنهم أجدر من غيرهم بالنهي؛ فصاروا على منكرين شديدي الشناعة؛ وسكوتهم عن النهي مغو لأهل الفساد؛ ومغر لهم؛ ولغيرهم؛ على الدخول فيه؛ والاستكبار منه؛ فقال (تعالى): كانوا لا يتناهون ؛ أي: لا ينهى بعضهم بعضا؛ وبين إغراقهم في عدم المبالاة بالتنكير؛ في سياق النفي؛ فقال: عن منكر ؛ ولما كان الفعل ما كان من الأعمال عن داهية من الفاعل؛ سواء كان عن علم؛ أو لا؛ عبر به إشارة إلى أن لهم في المناكر غرام من غلبته الشهوة؛ ولم يبق لهم نوع علم؛ فقال: فعلوه ولما كان من طبع الإنسان النهي عن كل ما خالفه؛ طبعا؛ أو اعتقادا؛ لا سيما إن تأيد بالشرع؛ فكان لا يكف عن ذلك إلا بتدريب النفس عليه؛ لغرض [ ص: 266 ] فاسد أداه إليه؛ أكد مقسما؛ معبرا بالفعل الذي يعبر به عما قد لا يصحبه علم؛ ولا يكون إلا عن داهية عظيمة؛ فقال: لبئس ما كانوا ؛ أي: جبلة؛ وطبعا؛ يفعلون ؛ إشارة إلى أنهم لما تكررت فضائحهم؛ وتواترت قبائحهم؛ صاروا إلى حيز ما لا يتأتى منه العلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية