صفحة جزء
ولما أمره بما يقول جوابا لتكذيبهم ، تقدم إليه فيما يفعل وقت خوضهم في التكذيب ، فقال : وإذا رأيت خاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - والمراد غيره ليكون أردع الذين يخوضون أي : يتكلمون في آياتنا أي : بغير تأمل ولا بصيرة بل طوع الهوى ، كما يفعل خائض الماء في وضعه لرجله على غير بصيرة لستر مواضع الخطا وبغير تمام الاختيار لغلبة الماء فأعرض عنهم بترك المجالسة أو ما يقوم مقامها; ولما كان الخوض في الآيات دالا على قلة العقل قال : حتى يخوضوا في حديث غيره فحكم على حديثهم فيما سوى ذلك أيضا بالخوض ؛ لأن فيه الغث والسمين ؛ لأنه غير مقيد بنظام الشرع .

ولما كان الله تعالى - وله الحمد - قد رفع حكم النسيان عن هذه الأمة ، قال مؤكدا : وإما ينسينك الشيطان أي : إنساء عظيما إشارة إلى أن مثل هذا الأمر جدير بأن لا ينسى فلا تقعد بعد الذكرى أي : [ ص: 147 ] التذكر لهذا النهي مع القوم الظالمين أظهر موضع الإضمار تعميما ودلالة على الوصف الذي هو سبب الخوض ، وهو الكون في الظلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية