صفحة جزء
آ. (171) قوله تعالى: فوقهم : فيه وجهان: أحدهما: هو متعلق بمحذوف على أنه حال من الجبل، وهي حال مقدرة لأن حالة النتق لم تكن فوقهم، لكنه بالنتق صار فوقهم. والثاني: أنه ظرف لنتقنا. قاله الحوفي وأبو البقاء. قال الشيخ: ولا يمكن ذلك إلا أن يضمن معنى فعل يمكن أن يعمل في "فوقهم"، أي: رفعنا بالنتق الجبل فوقهم فيكون كقوله: ورفعنا فوقهم الطور .

والنتق: اختلفت فيه عبارات أهل اللغة. فقال أبو عبيدة: هو قلع الشيء من موضعه والرمي به، ومنه "نتق ما في الجراب" إذا نقضه ورمى ما فيه. وامرأة ناتق ومنتاق: إذا كانت كثيرة الولادة. وفي الحديث: "عليكم بزواج الأبكار فإنهن أنتق أرحاما وأطيب أفواها وأرضى باليسير" وقيل: النتق: الجذب بشدة. ومنه "نتقت السقاء" إذا جذبته لتقتلع الزبدة من [ ص: 510 ] فمه. وقال الفراء: "هو الرفع". وقال ابن قتيبة: "الزعزعة". وبه فسر مجاهد. وقال النابغة:


2331 - لم يحرموا حسن الغذاء وأمهم طفحت عليك بناتق مذكار



وكل هذه معان متقاربة. وقد عرفت أن "فوقهم" يجوز أن يكون منصوبا بـ "نتق" لأنه بمعنى رفع وقلع.

قوله: "كأنه ظلة" في محل نصب على الحال من "الجبل" أيضا فتتعدد الحال. وقال مكي: هي خبر مبتدأ محذوف، أي: هو كأنه ظلة. وفيه بعد.

قوله: وظنوا فيه أوجه، أحدها: أنه في محل جر نسقا على "نتقنا" المخفوض بالظرف تقديرا. والثاني: أنه حال، و "قد" مقدرة عند بعضهم، وصاحب الحال: إما الجبل، أي: كأنه ظلة في حال كونه مظنونا وقوعه بهم. ويضعف أن يكون صاحبه "هم" في "فوقهم". والثالث: أنه مستأنف فلا محل له. والظن هنا على بابه، ويجوز أن يكون بمعنى اليقين، والباء على بابها أيضا. قيل: ويجوز أن تكون بمعنى "على".

قوله: واذكروا العامة على التخفيف أمرا من ذكر يذكر. والأعمش: "واذكروا" بتشديد الذال من الاذكار والأصل: اذتكروا والاذتكار، وتقدم تصريفه. وقرأ ابن مسعود: تذكروا من تذكر بتشديد الكاف. وقرئ: وتذكروا [ ص: 511 ] بتشديد الذال والكاف، والأصل: ولتتذكروا، فأدغمت التاء في الذال وحذفت لام الجر كقوله:


2332 - محمد تفد نفسك كل نفس      . . . . . . . . . . .



التالي السابق


الخدمات العلمية