[ ص: 554 ]  [ ص: 555 ] سورة الأنفال 
بسم الله الرحمن الرحيم 
آ. (1) قوله تعالى: 
يسألونك عن الأنفال  : فاعل "يسأل" يعود على معلوم، وهم من حضر 
بدرا.  و "سأل" تارة تكون لاقتضاء معنى في نفس المسئول فتتعدى بـ "عن" كهذه الآية، وكقول الشاعر: 
 2379 - سلي إن جهلت الناس عنا وعنهم فليس سواء عالم وجهول 
وقد تكون لاقتضاء مال ونحوه فتتعدى لاثنين نحو: "سألت زيدا مالا". وقد ادعى بعضهم أن السؤال هنا بهذا المعنى، وزعم أن "عن" زائدة، والتقدير: يسألونك الأنفال، وأيد قوله بقراءة 
 nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص   nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود  وعلي بن الحسين  وزيد  ولده 
ومحمد الباقر  ولده أيضا وولده 
 nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر الصادق   nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة   nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء:   "يسألونك الأنفال" دون "عن". والصحيح أن هذه القراءة على إرادة حرف الجر. وقال بعضهم: "عن" بمعنى "من". وهذا لا ضرورة تدعو إليه. 
وقرأ 
ابن محيصن:   "علنفال . والأصل: أنه نقل حركة الهمزة إلى لام  
[ ص: 556 ] التعريف، ثم اعتد بالحركة العارضة فأدغم النون في اللام كقوله: 
وقد تبين لكم ، وقد تقدم ذلك في قوله 
عن الأهلة  . 
والأنفال: جمع نفل وهي الزيادة على الشيء الواجب وسميت الغنيمة نفلا لزيادتها على حماية الحوزة. قال 
لبيد:   2380 - إن تقوى ربنا خير نفل     وبإذن الله ريثي وعجل 
وقال آخر: 
 2381 - إنا إذا احمر الوغى نروي القنا     ونعف عند مقاسم الأنفال 
وقيل: سميت "الأنفال" لأن المسلمين فضلوا بها على سائر الأمم. وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري:   "والنفل: ما ينفله الغازي، أي يعطاه زيادة على سهمه من المغنم". 
قوله: 
ذات بينكم  : قد تقدم الكلام على "ذات" في آل عمران. وهي هنا صفة لمفعول محذوف تقديره: وأصلحوا أحوالا ذات افتراقكم وذات وصلكم، أو ذات المكان المتصل بكم، فإن "بين" قد قيل إنه يراد به هنا الفراق أو الوصل أو الظرف. وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج  وغيره: "إن "ذات" هنا بمنزلة  
[ ص: 557 ] حقيقة الشيء ونفسه". وقد أوضح ذلك 
 nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية.  والتفسير ببيان هذا أولى. 
وقال الشيخ: والبين: الفراق، و "ذات" نعت لمفعول محذوف أي: وأصلحوا أحوالا ذات افتراقكم، لما كانت الأحوال ملابسة للبين أضيفت صفتها إليه، كما تقول: اسقني ذا إنائك أي: ماء صاحب إنائك، لما لابس الماء الإناء وصف بـ "ذا" وأضيف على الإناء. والمعنى: اسقني ما في الإناء من الماء.