صفحة جزء
آ . (47) قوله تعالى : لو خرجوا فيكم : أي : في جيشكم وفي جمعكم . وقيل : " في " بمعنى مع ، أي : معكم . وتقدم تفسير " الخبال " في آل عمران .

وقوله : إلا خبالا جوزوا فيه أن يكون استثناء متصلا وهو مفرغ ؛ لأن " زاد " يتعدى لاثنين . قال الزمخشري : " المستثنى منه غير مذكور ، فالاستثناء من أعم العام الذي هو الشيء ، فكان استثناء متصلا فإن الخبال بعض أعم العام كأنه قيل : ما زادوكم شيئا إلا خبالا " . وجوزوا فيه أن يكون منقطعا والمعنى : ما زادوكم قوة ولا شدة ولكن خبالا ، وهذا يجيء على قول من قال إنه لم يكن في عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم خبال ، كذا قال الشيخ . وفيه نظر ؛ لأنه إذا لم يكن في العسكر خبال أصلا فكيف يستثنى شيء لم يكن ولم يتوهم وجوده ؟

قوله : خلالكم منصوب على الظرف . والخلال : جمع خلل وهو الفرجة بين الشيئين ويستعار في المعاني فيقال : في هذا الأمر خلل .

[ ص: 60 ] والإيضاع : الإسراع يقال : أوضع البعير ، أي : أسرع في سيره قال امرؤ القيس :


2490 - أرانا موضعين لأمر غيب ونسحر بالطعام وبالشراب



وقال آخر :


2491 - يا ليتني فيها جذع     أخب فيها وأضع



ومفعول " أوضعوا " محذوف ، أي : أوضعوا ركائبهم لأن الراكب أسرع من الماشي . ويقال : وضعت الناقة تضع : إذا أسرعت ، وأوضعتها أنا . وقرأ ابن أبي عبلة ( ما زادكم إلا خبالا ) ، أي : ما زادكم خروجهم . وقرأ مجاهد ومحمد بن زيد : " ولأوفضوا " وهو الإسراع أيضا من قوله تعالى : إلى نصب يوفضون ، وقرأ ابن الزبير " ولأرفضوا " بالراء والفاء والضاد المعجمة من رفض ، أي : أسرع أيضا ، قال حسان :

[ ص: 61 ]

2492 - بزجاجة رقصت بما في جوفها     رقص القلوص براكب مستعجل



وقال :


2493 - ... ... ... ...     والراقصات إلى منى فالغبغب

يقال : رفض في مشيته رفضا ورفضانا .

قوله : يبغونكم في محل نصب على الحال من فاعل " أوضعوا " ، أي : لأسرعوا فيما بينكم حال كونهم باغين ، أي : طالبين الفتنة لكم .

قوله : وفيكم سماعون لهم هذه الجملة يجوز أن تكون حالا من مفعول " يبغونكم " أو من فاعله ، وجاز ذلك لأن في الجملة ضميريهما . ويجوز أن تكون مستأنفة ، والمعنى : أن فيكم من يسمع لهم ويصغي لقولهم . ويجوز أن يكون المراد : وفيكم جواسيس منهم يسمعون لهم الأخبار منكم ، فاللام على الأول للتقوية لكون العامل فرعا ، وفي الثاني للتعليل ، أي : لأجلهم .

ورسم في المصحف ( ولا أوضعوا خلالكم ) بألف بعد " لا " ، قال الزمخشري : " كانت الفتحة تكتب ألفا قبل الخط العربي ، والخط العربي اخترع قريبا من نزول القرآن ، وقد بقي من ذلك أثر في الطباع فكتبوا صورة الهمزة ألفا وفتحتها ألفا أخرى ، ونحوه ، ( أو لا أذبحنه ) يعني في زيادة ألف بعد " لا " ، وهذا لا يجوز القراءة به ، ومن قرأه متعمدا يكفر .

التالي السابق


الخدمات العلمية