صفحة جزء
آ . (62) قوله تعالى : والله ورسوله أحق أن يرضوه : إنما أفرد الضمير في " يرضوه " ، وإن كان الأصل في العطف بالواو المطابقة لوجوه أحدها : أن رضا الله ورسوله شيء واحد : من أطاع الرسول فقد أطاع [الله] ، إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ، فلذلك جعل الضميرين ضميرا واحدا منبهة على ذلك . والثاني : أن الضمير عائد على المثنى بلفظ الواحد بتأويل " المذكور " كقول رؤبة :


2507 - فيها خطوط من سواد وبلق كأنه في الجلد توليع البهق



أي : كأن ذاك المذكور . وقد تقدم لك بيان هذا في أوائل البقرة . الثالث : قال المبرد : في الكلام تقديم وتأخير تقديره : والله أحق أن يرضوه ورسوله . قلت : وهذا على رأي من يدعي الحذف من الثاني . الرابع : وهو مذهب سيبويه أنه حذف خبر الأول وأبقى خبر الثاني . وهو أحسن من عكسه وهو قول المبرد ، لأن فيه عدم الفصل بين المبتدأ أو خبره ، ولأن فيه أيضا الإخبار بالشيء عن الأقرب إليه ، وأيضا فهو متعين في قول الشاعر :


2508 - [ ص: 76 ] نحن بما عندنا وأنت بما     عندك راض والرأي مختلف

أي : نحن راضون ، حذف " راضون " لدلالة خبر الثاني عليه . قال ابن عطية : " مذهب سيبويه أنهما جملتان حذفت الأولى لدلالة الثانية عليها " . قال الشيخ : " إن كان الضمير في " أنهما " عائدا على كل واحدة من الجملتين فكيف يقول " حذفت الأولى " والأولى لم تحذف ، إنما حذف خبرها ، وإن كان عائدا على الخبر وهو أحق أن يرضوه فلا يكون جملة إلا باعتقاد أن يكون " أن يرضوه " مبتدأ وخبره " أحق " مقدما عليه ، ولا يتعين هذا القول إذ يجوز أن يكون الخبر مفردا بأن يكون التقدير : أحق بأن ترضوه " . قلت : إنما أراد أبو محمد التقدير الأول وهو المشهور عند المعربين ، يجعلون " أحق " خبرا مقدما ، و " أن يرضوه " مبتدأ مؤخرا [أي] : والله ورسوله إرضاؤه أحق ، وقد تقدم تحرير هذا قريبا في قوله : فالله أحق أن تخشوه .

و إن كانوا مؤمنين شرط جوابه محذوف أو متقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية