آ . (108) قوله تعالى :
لمسجد : فيه وجهان أحدهما : أنها لام الابتداء . والثاني : أنها جواب قسم محذوف ، وعلى التقديرين فيكون " لمسجد " مبتدأ ، و
" أسس " في محل رفع نعتا له ، و
" أحق " خبره ، والقائم مقام الفاعل ضمير المسجد على حذف مضاف أي : أسس بنيانه .
" من أول " متعلق به ، وبه استدل الكوفيون على أن " من " تكون لابتداء الغاية في الزمان ، واستدلوا أيضا بقوله :
2543 - من الصبح حتى تطلع الشمس لا ترى من القوم إلا خارجيا مسوما
[ ص: 122 ] وقوله :
2544 - تخيرن من أزمان يوم حليمة إلى اليوم قد جربن كل التجارب
وتأوله البصريون على حذف مضاف أي : من تأسيس أول يوم ، ومن طلوع الصبح ، ومن مجيء أزمان يوم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء : " وهذا ضعيف ، لأن التأسيس المقدر ليس بمكان حتى تكون " من " لابتداء غايته . ويدل على جواز ذلك قوله :
لله الأمر من قبل ومن بعد ، وهو كثير في القرآن وغيره " ، قلت : البصريون إنما فروا من كونها لابتداء الغاية في الزمان ، وليس في هذه العبارة ما يقتضي أنها لا تكون إلا لابتداء الغاية في المكان حتى يرد عليهم بما ذكر ، والخلاف في هذه المسألة قوي ، ولأبي علي فيها كلام طويل . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية : " ويحسن عندي أن يستغنى عن تقدير ، وأن تكون " من " تجر لفظة " أول " لأنها بمعنى البداءة كأنه قال : من مبتدأ الأيام ، وقد حكي لي هذا الذي اخترته عن بعض أئمة النحو " .
وقوله :
أحق ليس للتفضيل بل بمعنى حقيق ، إذ لا مفاضلة بين المسجدين ، و
" أن تقوم " أي : بأن تقوم ، والتاء لخطاب الرسول عليه السلام ، و
" فيه " متعلق به .
قوله :
فيه رجال يجوز أن يكون " فيه " صفة لمسجد ، و " رجال " فاعل ، وأن يكون حالا من الهاء في " فيه " ، و " رجال " فاعل به أيضا ، وهذان أولى من حيث إن الوصف بالمفرد أصل ، والجار قريب من المفرد . ويجوز أن يكون "
[ ص: 123 ] " فيه " خبرا مقدما ، و " رجال " مبتدأ مؤخر . وفيه هذه الجملة أيضا ثلاثة أوجه ، أحدها : الوصف ، والثاني : الحال على ما تقدم ، والثالث : الاستئناف .
وقرأ
عبد الله بن زيد " فيه " بكسر الهاء ، و " فيه " الثانية بضمها وهو الأصل ، جمع بذلك بين اللغتين ، وفيه أيضا رفع توهم التوكيد ، ورفع توهم أن " رجالا " مرفوع بـ " تقوم " .
وقوله :
يحبون صفة لـ " رجال " وأن [يتطهروا] مفعول به . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش " يطهروا " بالإدغام ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب " المتطهرين " بالإظهار ، عكس قراءات الجمهور في اللفظتين .