صفحة جزء
آ . (128) قوله تعالى : من أنفسكم : صفة لرسول ، أي : من صميم العرب . وقرأ ابن عباس وأبو العالية والضحاك وابن محيصن ومحبوب عن أبي عمرو وعبد الله بن قسيط المكي ويعقوب من بعض طرقه ، وهي قراءة رسول الله وفاطمة وعائشة بفتح الفاء ، أي : من أشرفكم ، من النفاسة .

وقوله : عزيز فيه أوجه ، أحدها : أن يكون " عزيز " صفة لرسول ، وفيه أنه تقدم غير الوصف الصريح على الوصف الصريح ، وقد يجاب بأن " من أنفسكم " متعلق بـ " جاء " ، و " ما " يجوز أن تكون مصدرية أو بمعنى الذي ، وعلى كلا التقديرين فهي فاعل بعزيز ، أي : يعز عليه عنتكم أو الذي عنتموه ، أي : عنتهم يسيئه ، فحذف العائد على التدريج ، وهذا كقوله :


2557 - يسر المرء ما ذهب الليالي وكان ذهابهن له ذهابا

[ ص: 142 ] أي : يسره ذهاب الليالي . ويجوز أن يكون " عزيز " خبرا مقدما ، و " ما عنتم " مبتدأ مؤخرا ، والجملة صفة لرسول . وجوز الحوفي أن يكون " عزيز " مبتدأ ، و " ما " عنتم خبره ، وفيه الابتداء بالنكرة لأجل عملها في الجار بعدها . وتقدم معنى العنت . والأرجح أن يكون " عزيز " صفة لرسول ؛ لقوله بعد ذلك " حريص " فلم يجعل خبرا لغيره ، وادعاء كونه خبر مبتدأ مضمر ، أي : هو حريص ، لا حاجة إليه .

و " بالمؤمنين " متعلق برءوف . ولا يجوز أن تكون المسألة من التنازع لأن من شرطه تأخر المعمول عن العاملين ، وإن كان بعضهم قد خالف ويجيز : " زيدا ضربت وشتمته " على التنازع ، وإذا فرعنا على هذا التضعيف فيكون من إعمال الثاني لا الأول لما عرف : أنه متى أعمل الأول أضمر في الثاني من غير حذف .

التالي السابق


الخدمات العلمية