صفحة جزء
آ . (10) قوله تعالى : دعواهم : مبتدأ و " سبحانك " معمول لفعل مقدر لا يجوز إظهاره هو الخبر ، والخبر هنا هو نفس المبتدأ ، والمعنى : أن دعاءهم هذا اللفظ ، فـ " دعوى " يجوز أن يكون بمعنى الدعاء ، ويدل عليه " اللهم " لأنه نداء في معنى يا الله ، ويجوز أن يكون هذا الدعاء هنا بمعنى العبادة ، فـ " دعوى " مصدر مضاف للفاعل ، ثم إن شئت أن تجعل هذا من باب الإسناد اللفظي أي : دعاؤهم في الجنة هذا اللفظ ، فيكون نفس " سبحانك " هو الخبر ، وجاء به محكيا على نصبه بذلك الفعل ، وإن شئت جعلته من باب الإسناد المعنوي فلا يلزم أن يقولوا هذا اللفظ فقط ، بل يقولونه وما يؤدي معناه من جميع صفات التنزيه والتقديس ، وقد تقدم لك نظير هذا عند قوله تعالى : وقولوا حطة ، فعليك بالالتفات إليه .

و " تحيتهم " مبتدأ ، و " سلام " خبرها ، وهو كالذي قبله ، والمصدر هنا يحتمل أن يكون مضافا لفاعله أي : تحيتهم التي يحيون بها بعضهم سلام ، ويحتمل أن يكون مضافا لمفعوله أي : تحيتهم التي تحييهم بها الملائكة سلام ، ويدل له والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم . و " فيها " في الموضعين متعلق بالمصدر قبله ، و " قبل " يجوز أن يكون حالا مما بعده فيتعلق بمحذوف ، وليس بذاك . وقال بعضهم : " يجوز أن يكون " تحيتهم " مما أضيف فيه المصدر لفاعله ومفعوله معا ؛ لأن المعنى : يحيي [ ص: 156 ] بعضهم بعضا ، ويكون كقوله تعالى : وكنا لحكمهم شاهدين حيث أضافه لداود وسليمان وهما الحاكمان ، وإلى المحكوم عليه ، وهذا مبني على مسألة أخرى وهو أنه : هل يجوز الجمع بين الحقيقة والمجاز أم لا ؟ فإن قلنا : نعم ، جاز ذلك لأن إضافة المصدر لفاعله حقيقة ولمفعوله مجاز ، ومن منع ذلك أجاب بأن أقل الجمع اثنان فلذلك قال : " لحكمهم " .

قوله : وآخر دعواهم مبتدأ ، و " أن " هي المخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الأمر والشأن حذف ، والجملة الاسمية بعدها في محل الرفع خبرا لها كقول الشاعر :


2573 - في فتية كسيوف الهند قد علموا أن هالك كل من يحفى وينتعل



و "أن " واسمها وخبرها في محل رفع خبرا للمبتدأ الأول . وزعم الجرجاني أن " أن " هنا زائدة والتقدير : وآخر دعواهم الحمد لله ، وهي دعوى لا دليل عليها مخالفة لنص سيبويه والنحويين . وزعم المبرد أيضا أن " أن " المخففة يجوز إعمالها مخففة كهي مشددة ، وقد تقدم ذلك .

وتخفيف " أن " ورفع " الحمد " هو قراءة العامة . وقرأ عكرمة وأبو مجلز وأبو حيوة وقتادة ومجاهد وابن يعمر وبلال بن أبي بردة وابن محيصن [ ص: 157 ] ويعقوب بتشديدها ونصب دال " الحمد " على أنه اسمها . وهذه تؤيد أنها المخففة في قراءة العامة ، وترد على الجرجاني .

التالي السابق


الخدمات العلمية