صفحة جزء
[ ص: 160 ] آ . (12) قوله تعالى : لجنبه : في محل نصب على الحال ، ولذلك عطف الحال الصريحة ، والتقدير : دعانا مضطجعا لجنبه ، أو ملقيا لجنبه . واللام على بابها عند البصريين ، وزعم بعضهم أنها بمعنى " على " ، ولا حاجة إليه . واختلف في ذي الحال ، فقيل : الإنسان ، والعامل فيها " مس " قاله ابن عطية . ونقله أبو البقاء عن غيره ، واستضعفه من وجهين ، أحدهما : أن الحال على هذا واقعة بعد جواب " إذا " وليس بالوجه . قلت : كأنه يعني أنه ينبغي ألا يجاب الشرط إلا إذا استوفى معمولاته ، وهذه الحال معمولة للشرط وهو " مس " ، وقد أجيب قبل أن يستوفي معموله . ثم قال : " والثاني : أن المعنى : كثرة دعائه في كل أحواله لا على أن الضر يصيبه في كل أحواله ، وعليه جاءت آيات كثيرة في القرآن " .

قال الشيخ : " وهذا الثاني يلزم فيه - من مسه الضر في هذه الأحوال - دعاؤه في هذه الأحوال ، لأنه جواب ما ذكرت فيه هذه الأحوال [فالقيد في الشرط قيد في الجواب كما تقول : " إذا جاءنا زيد فقيرا فقد أحسنا إليه " فالمعنى : ] أحسنا إليه في حال فقره " .

وقيل : صاحب الحال هو الضمير الفاعل في " دعانا " وهو واضح ، أي : دعانا في جميع أحواله لأن هذه الأحوال الثلاثة لا يخلو الإنسان عن واحدة منها . ثم قيل : المراد بالإنسان الجنس ، وهذه الأحوال بالنسبة إلى المجموع ، [ ص: 161 ] أي : منهم من يدعو مستلقيا ، ومنهم من يدعو قائما ، أو يراد به شخص واحد جمع بين هذه الأحوال الثلاثة بحسب الأوقات ، فيدعو في وقت على هذه الحال ، وفي وقت على أخرى .

قوله : كأن لم يدعنا قد تقدم الكلام على مثل هذا عند قوله : كأن لم تكن بينكم قال الزمخشري : " فحذف ضمير الشأن كقوله :


2574 - ... ... ... ... كأن ثدياه حقان "

يعني على رواية من رواه " ثديان " بالألف ، ويروى " كأن ثدييه " بالياء على أنها أعملت في الظاهر وهو شاذ ، وصدر هذا البيت :


وصدر مشرق النحر      ... ... ... ...

وهذه الجملة التشبيهية في محل نصب على الحال من فاعل " مر " ، أي : مضى على طريقته مشبها من لم يدع إلى كشف ضر . و " مسه " صفة لـ " ضر " ، قال صاحب النظم : وإذا مس الإنسان وصفه للمستقبل ، و " فلما كشفنا " للماضي ، فهذا النظم يدل على معنى الآية أنه كان هكذا فيما مضى ، وهكذا يكون مما يستقبل ، فدل ما في الآية من الفعل المستقبل على ما فيه من المعنى المستقبل " .

والكاف من " كذلك زين " في موضع نصب على المصدر ، أي : مثل ذلك التزيين والإعراض عن الابتهال . وفاعل " زين " المحذوف : إما الله تعالى وإما الشيطان . و ما كانوا يعملون في محل رفع لقيامه مقام الفاعل . و " ما " يجوز أن تكون مصدرية ، وأن تكون بمعنى الذي .

التالي السابق


الخدمات العلمية