صفحة جزء
آ . (54) قوله تعالى : لافتدت به : " افتدى " يجوز أن يكون متعديا وأن يكون قاصرا ، فإذا كان مطاوعا لـ " فدى " كان قاصرا تقول : فديته فافتدى ، ويكون بمعنى فدى فيتعدى لواحد . والفعل هنا يحتمل الوجهين : فإن جعلناه متعديا فمفعوله محذوف تقديره : لافتدت به نفسها ، وهو في المجاز كقوله : كل نفس تجادل عن نفسها .

وقوله : وأسروا قيل : " أسر " من الأضداد ، يستعمل بمعنى أظهر ، كقول الفرزدق :


2599 - ولما رأى الحجاج جرد سيفه أسر الحروري الذي كان أضمرا



وقول الآخر :


2600 - فأسررت الندامة يوم نادى     برد جمال غاضرة المنادي



ويستعمل بمعنى : " أخفى " وهو المشهور في اللغة كقوله : يعلم ما تسرون وما تعلنون وهو في الآية يحتمل الوجهين . وقيل : إنه ماض على بابه قد وقع . وقيل : بل هو بمعنى المستقبل . وقد أبعد بعضهم فقال : " أسروا الندامة " أي : بدت بالندامة أسرة وجوههم أي : تكاسير جباههم .

و لما رأوا يجوز أن تكون حرفا ، وجوابها محذوف لدلالة ما تقدم [ ص: 222 ] عليه ، وهو المتقدم عند من يرى تقديم جواب الشرط جائزا . ويجوز أن تكون بمعنى حين والناصب لها " أسروا " . وقوله : " ظلمت " في محل جر صفة لـ " نفس " أي : لكل نفس ظالمة . و ما في الأرض اسم أن ، و " لكل " هو الخبر .

وقوله : وقضي يجوز أن يكون مستأنفا ، وهو الظاهر ، ويجوز أن يكون معطوفا على " رأوا " فيكون داخلا في حيز " لما " والضمير في " بينهم " يعود على " كل نفس " في المعنى . وقال الزمخشري : " بين الظالمين والمظلومين ، دل على ذلك ذكر الظلم " وقال بعضهم : إنه يعود على الرؤساء والأتباع . و " بالقسط " يجوز أن تكون الباء للمصاحبة ، وأن تكون للآلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية