صفحة جزء
آ . (88) قوله تعالى : ليضلوا : في هذه اللام ثلاثة أوجه ، أحدها : أنها لام العلة ، والمعنى : أنك أتيتهم ما أتيتهم على سبيل الاستدراج فكان الإيتاء لهذه العلة . والثاني : أنها لام الصيرورة والعاقبة كقوله : فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا . وقوله :


2622 - لدوا للموت وابنوا للخراب ... ... ... ...



وقوله :


2623 - فللموت تغذو الوالدات سخالها     كما لخراب الدور تبنى المساكن

[ ص: 260 ] وقوله :

2624 - وللمنايا تربي كل مرضعة     وللخراب يجد الناس عمرانا

والثالث : أنها للدعاء عليهم بذلك ، كأنه قال : ليثبتوا على ما هم عليه من الضلال وليكونوا ضلالا ، وإليه ذهب الحسن البصري وبدأ به الزمخشري . وقد استبعد هذا التأويل بقراءة الكوفيين " ليضلوا " بضم الياء فإنه يبعد أن يدعو عليهم بأن يضلوا غيرهم ، وقرأ الباقون بفتحها ، وقرأ الشعبي بكسرها ، فوالى بين ثلاث كسرات إحداها في ياء . وقرأ [أبو] الفضل الرياشي " أإنك أتيت " على الاستفهام . وقال الجبائي : إن " لا " مقدرة بين اللام والفعل تقديره : لئلا يضلوا " ، ورأي البصريين في مثل هذا تقدير " كراهة " أي : كراهة أن يضلوا .

قوله : فلا يؤمنوا يحتمل النصب والجزم ، فالنصب من وجهين ، أحدهما : عطفه على " ليضلوا " . والثاني : نصبه على جواب الدعاء في قوله " اطمس " . والجزم على أن " لا " للدعاء كقولك : " لا تعذبني يا رب " وهو قريب من معنى " ليضلوا " " في كونه دعاء ، هذا في جانب شبه النهي ، وذلك في جانب شبه الأمر ، و " حتى يروا " غاية لنفي إيمانهم ، والأول قول الأخفش ، [ ص: 261 ] والثاني بدأ به الزمخشري ، والثالث قول الكسائي والفراء ، وأنشد قول الشاعر :


2625 - فلا ينبسط من بين عينك ما انزوى     ولا تلقني إلا وأنفك راغم

وعلى القول بأنه معطوف على " ليضلوا " يكون ما بينهما اعتراضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية