صفحة جزء
آ . (7) قوله تعالى : ليبلوكم : في هذه اللام وجهان ، أحدهما : أنها متعلقة بمحذوف فقيل : تقديره : أعلم بذلك ليبلوكم . وقيل : ثم جمل محذوفة والتقدير : وكان خلقه لهما لمنافع يعود عليكم نفعها في الدنيا دون الآخرة وفعل ذلك ليبلوكم . وقيل : تقديره : وخلقكم ليبلوكم . والثاني : أنها متعلقة بـ " خلق " قال الزمخشري : " أي : خلقهن لحكمة بالغة وهي أن يجعلها مساكن لعباده وينعم عليهم فيها بصنوف النعم ويكلفهم فعل الطاعات واجتناب المعاصي ، فمن شكر وأطاع أثابه ، ومن كفر وعصى عاقبه ، ولما أشبه ذلك اختبار المختبر قال " ليبلوكم " ، يريد : ليفعل بكم ما يفعل المبتلي لأحوالكم .

قوله : أيكم أحسن مبتدأ وخبر في محل نصب بإسقاط الخافض ؛ لأنه معلق لقوله " ليبلوكم " . قال الزمخشري : " فإن قلت : كيف جاز تعليق فعل البلوى ؟ قلت : لما في الاختيار من معنى العلم ؛ لأنه طريق إليه فهو ملابس له كما تقول : " انظر أيهم أحسن وجها ، واسمع أيهم أحسن صوتا " لأن النظر والاستماع من طرق العلم " . وقد واخذه الشيخ في تمثيله بقوله " واسمع " قال : " لم أعلم أحدا ذكر أن " استمع " يعلق ، وإنما ذكروا من غير أفعال القلوب " سل " ، و " انظر " ، وفي جواز تعليق " رأى " البصرية خلاف " .

قوله : ولئن قلت : هذه لام التوطئة للقسم ، و " ليقولن " جوابه ، وحذف [ ص: 291 ] جواب الشرط لدلالة جواب القسم عليه ، و " إنكم " محكي بالقول ، ولذلك كسرت في قراءة الجمهور . وقرئ بفتحها ، وفيها تأويلان ذكرهما الزمخشري ، أحدهما : أنها بمعنى لعل ، قال : " من قولهم : " ائت السوق أنك تشتري لحما " ، أي : لعلك ، أي : ولئن قلت لهم : لعلكم مبعوثون بمعنى توقعوا بعثكم وظنوه ، ولا تبثوا القول بإنكاره ، لقالوا " . والثاني : أن تضمن " قلت " معنى " ذكرت " يعني فتفتح الهمزة لأنها مفعول " ذكرت " .

قوله : إن هذا إلا سحر قد تقدم أنه قرئ " سحر " ، و " ساحر " ، فمن قرأ " سحر " فـ " هذا " إشارة إلى البعث المدلول عليه بما تقدم ، أو إشارة إلى القرآن لأنه ناطق بالبعث . ومن قرأ " ساحر " فالإشارة بـ " هذا " إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويجوز أن يراد بـ " هذا " في القراءة الأولى النبي صلى الله عليه وسلم أيضا ، ويكون جعلوه سحرا مبالغة ، أو على حذف مضاف ، أي : إلا ذو سحر . ويجوز أن يراد بـ " ساحر " نفس القرآن مجازا كقولهم " شعر شاعر " و " جد جده " .

التالي السابق


الخدمات العلمية