صفحة جزء
آ . (14) قوله تعالى : أنما أنزل : " ما " يجوز أن تكون كافة مهيئة . وفي " أنزل " ضمير يعود على ما يوحى إليك ، و " بعلم " حال أي : ملتبسا بعلمه ، ويجوز أن تكون موصولة اسمية أو حرفية اسما لـ " إن " فالخبر الجار تقديره : فاعلموا أن تنزيله ، أو أن الذي أنزل ملتبس بعلم .

وقرأ زيد بن علي " نزل " بفتح النون والزاي المشددة ، وفاعل " نزل " ضمير الله تعالى ، و وأن لا إله إلا هو نسق على " أن " قبلها ، ولكن هذه مخففة فاسمها محذوف ، وجملة النفي خبرها .

قوله : نوف الجمهور على " نوف " بنون العظمة وتشديد الفاء من وفى [ ص: 296 ] يوفي ، وطلحة وميمون بياء الغيبة ، وزيد بن علي كذلك إلا أنه خفف الفاء من أوفى يوفي ، والفاعل في هاتين القراءتين ضمير الله تعالى . وقرئ " توف " بضم التاء وفتح الفاء مشددة من وفى يوفي مبنيا للمفعول . " أعمالهم " بالرفع قائما مقام الفاعل . وانجزم " نوف " على هذه القراءات لكونه جوابا للشرط ، كما في قوله تعالى : من كان يريد حرث الآخرة نزد له [في حرثه] ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته .

وزعم الفراء أن " كان " زائدة قال : " ولذلك جزم جوابه " ولعل هذا لا يصح إذ لو كانت زائدة لكان " يريد " هو الشرط ، ولو كان شرطا لانجزم ، فكان يقال : من كان يرد " .

وزعم بعضهم أنه لا يؤتى بفعل الشرط ماضيا والجزاء مضارعا إلا مع " كان " خاصة ، ولهذا لم يجئ في القرآن إلا كذلك ، وهذا ليس بصحيح لوروده في غير " كان " قال زهير :


2639 - ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ولو رام أسباب السماء بسلم

وأما القرآن فجاء من باب الاتفاق أنه كذلك .

وقرأ الحسن البصري " نوفي " بتخفيف الفاء وثبوت الياء من أوفى ، ثم هذه القراءة محتملة : لأن يكون الفعل مجزوما ، وقدر جزمه بحذف الحركة [ ص: 297 ] المقدرة كقوله :


2640 - ألم يأتيك والأنباء تنمي     بما لاقت لبون بني زياد

على أن ذلك قد يأتي في السعة نحو : إنه من يتق ، وسيأتي محررا في سورته ، ولأن يكون الفعل مرفوعا لوقوع الشرط ماضيا كقوله :


2641 - وإن شل ريعان الجميع مخافة     نقول جهارا ويلكم لا تنفروا

وكقول زهير :


2642 - وإن أتاه خليل يوم مسألة     يقول لا غائب مالي ولا حرم

وهل الرفع لأنه على نية التقديم وهو مذهب سيبويه أو على نية الفاء ، كما هو مذهب المبرد ؟ خلاف مشهور .

التالي السابق


الخدمات العلمية