صفحة جزء
آ . (16) قوله تعالى : وحبط ما صنعوا فيها : يجوز أن يتعلق " فيها " بـ " حبط " ، والضمير على هذا يعود على الآخرة ، أي : وظهر حبوط ما صنعوا في الآخرة . ويجوز أن يتعلق بـ " صنعوا " فالضمير على هذا يعود على الحياة الدنيا كما عاد عليها في قوله نوف إليهم أعمالهم فيها . و " ما " في " ما صنعوا " يجوز أن تكون بمعنى الذي فالعائد محذوف ، أي : الذي صنعوه ، وأن تكون مصدرية ، وحبط صنعهم .

[ ص: 298 ] قوله : وباطل ما كانوا الجمهور قرءوا برفع الباطل ، وفيه ثلاثة أوجه ، أحدها : أن يكون " باطل " خبرا مقدما ، و ما كانوا يعملون مبتدأ مؤخر . و " ما " تحتمل أن تكون مصدرية ، أي : وباطل كونهم عاملين ، وأن تكون بمعنى الذي والعائد محذوف ، أي : يعملونه ، وهذا على أن الكلام من عطف الجمل ، عطف هذه الجملة على ما قبلها . الثاني : أن يكون " باطل " مبتدأ و ما كانوا يعملون خبره ، هكذا قال مكي بن أبي طالب وهو لا يبعد على الغلط ، والعجب أنه لم يذكر غيره . الثالث : أن يكون " باطل " عطفا على الأخبار قبله ، أي : أولئك باطل ما كانوا يعملون ، و ما كانوا يعملون فاعل بـ " باطل " ، ويرجح هذا ما قرأ به زيد بن علي : وباطل ما كانوا يعملون جعله فعلا ماضيا معطوفا على " حبط " .

وقرأ أبي وابن مسعود - قال مكي : " وهي في مصحفهما كذلك " - ونقلها الزمخشري عن عاصم " وباطلا " نصبا وفيها ثلاثة أوجه ، أحدها : أنه منصوب بـ " يعملون " و " ما " مزيدة ، وإلى هذا ذهب مكي وأبو البقاء وصاحب " اللوامح " ، وفيه تقديم معمول خبر " كان " على " كان " وهي مسألة خلاف ، والصحيح جوازها كقوله تعالى : أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون فالظاهر أن " إياكم " منصوب بـ " يعبدون " . والثاني : أن تكون " ما " [ ص: 299 ] إبهامية ، وتنتصب بـ " يعملون " ومعناه : " باطلا أي باطل كانوا يعملون " ، والثالث : أن يكون " باطلا " بمعنى المصدر على بطل بطلانا ما كانوا يعملون ، ذكر هذين الوجهين الزمخشري ، ومعنى قوله " ما " إبهامية أنها هنا صفة للنكرة قبلها ، ولذلك قدرها بـ " باطلا أي باطل " فهو كقوله :


2643 - ... ... ... ... وحديث ما على قصره



و " لأمر ما جدع قصير أنفه " ، وقد قدم هو ذلك في قوله تعالى : مثلا ما بعوضة .

التالي السابق


الخدمات العلمية