آ . (44) قوله تعالى :
ابلعي : البلع معروف . والفعل منه مكسور العين ومفتوحها : بلع وبلع حكاهما
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء . والإقلاع : الإمساك ، ومنه " أقلعت الحمى " . وقيل : أقلع عن الشيء ، أي : تركه وهو قريب من الأول . والغيض : النقصان وفعله لازم ومتعد ، فمن اللازم قوله تعالى :
وما تغيض الأرحام ، أي : تنقص . وقيل : بل هو هنا متعد أيضا وسيأتي ، ومن
[ ص: 334 ] المتعدي هذه الآية ؛ لأنه لا يبنى للمفعول من غير واسطة حرف جر إلا المتعدي بنفسه .
والجودي : جبل بعينه
بالموصل . وقيل : بل كل جبل يقال له جودي ومنه قول
عمرو بن نفيل :
2667 - سبحانه ثم سبحانا نعوذ به وقبلنا سبح الجودي والجمد
ولا أدري ما في ذلك من الدلالة على أنه عام في كل جبل . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة بتخفيف " الجودي " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية : " وهما لغتان " . والصواب أن يقال : خففت ياء النسب ، وإن كان لا يجوز ذلك في كلامهم الفاشي .
قوله :
" بعدا " منصوب على المصدر بفعل مقدر ، أي : وقيل : ابعدوا بعدا ، فهو مصدر بمعنى الدعاء عليهم نحو : جدعا ، يقال : بعد يبعد بعدا إذا هلك ، قال :
2668 - يقولون لا تبعد وهم يدفنونه ولا بعد إلا ما تواري الصفائح
واللام إما [أن] تتعلق بفعل محذوف ، ويكون على سبيل البيان كما تقدم في نحو " سقيا لك ورعيا " ، وإما أن تتعلق بقيل ، أي : لأجلهم هذا القول .
[ ص: 335 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : " ومجيء إخباره على الفعل المبني للمفعول للدلالة على الجلال والكبرياء ، وأن تلك الأمور العظام لا تكون إلا بفعل قادر وتكوين مكون قاهر ، وأن فاعل هذه الأفعال فاعل واحد لا يشارك في أفعاله ، فلا يذهب الوهم إلى أن يقول غيره : يا أرض ابلعي ماءك ، ولا أن يقضي ذلك الأمر الهائل إلا هو ، ولا أن تستوي السفينة على الجودي وتستقر عليه إلا بتسويته وإقراره ، ولما ذكرنا من المعاني والنكت استفصح علماء البيان هذه الآية ورقصوا لها رءوسهم لا لتجانس الكلمتين وهما قوله : ابلعي وأقلعي ، وذلك وإن كان الكلام لا يخلو من حسن فهو كغير الملتفت إليه بإزاء تلك المحاسن التي هي اللب وما عداها قشور " . يعني أن بعض الناس عد من فصاحة الآية التجانس فقال : إن هذا ليس بطائل بالنسبة إلى ما ذكر من المعاني ، ولعمري لقد صدق .
ولما حكى الشيخ عنه هذا الكلام الرائع لم يكن جزاؤه عنده إلا " وأكثره خطابة " .
وقول
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري " ورقصوا لها رؤوسهم " يحتمل أن يريد ما يحكى أن جماعة من بلغاء زمانهم اجتمعوا في الموسم بعرفة وتفرقوا على أن يعارض كل منهم شيئا من القرآن ليروزوا قواهم في الفصاحة ، فتفرقوا على أن يجتمعوا في القابل ففتح أحدهم - قيل هو
ابن المقفع - المصحف فوجد هذه الآية ، فكع لها وأذعن ، وقال : " لا يقدر أحد أن يصنع مثل هذا " .