صفحة جزء
آ . (57) قوله تعالى : فإن تولوا : أي : تتولوا فحذف إحدى التاءين ، ولا يجوز أن يكون ماضيا كقوله : " أبلغتكم " ، ولا يجوز أن يدعى فيه الالتفات ، إذ هو ركاكة في التركيب وقد جوز ذلك ابن عطية فقال : " ويحتمل أن يكون " تولوا " ماضيا ، ويجيء في الكلام رجوع من غيبة إلى خطاب " . وقلت : ويجوز أن يكون ماضيا لكن لمدرك آخر غير الالتفات : وهو أن يكون على إضمار القول ، أي : فقل لهم : قد أبلغتكم . ويترجح كونه ماضيا بقراءة عيسى والثقفي والأعرج " فإن تولوا " بضم التاء واللام ، مضارع ولى بضم التاء واللام مضارع ولي ، والأصل توليوا فأعل .

قال الزمخشري : " فإن قلت : الإبلاغ كان قبل التولي فكيف وقع جزاء للشرط ؟ قلت : معناه فإن تتولوا لم أعاتب على تفريط على الإبلاغ ، وكنتم محجوجين بأن ما أرسلت به إليكم قد بلغكم فأبيتم إلا التكذيب .

قوله : ويستخلف العامة على رفعه استئنافا . وقال أبو البقاء " هو معطوف على الجواب بالفاء " . وقرأ عبد الله بن مسعود بتسكينه ، وفيه [ ص: 345 ] وجهان : أحدهما : أن يكون سكن تخفيفا لتوالي الحركات : والثاني : أن يكون مجزوما عطفا على الجواب المقترن بالفاء ، إذ محله الجزم وهو نظير قوله : فلا هادي له ويذرهم وقد تقدم تحقيقه ، إلا أن القراءتين ثم في المتواتر .

قوله : ولا تضرونه العامة على النون ، لأنه مرفوع على ما تقدم ، وابن مسعود بحذفها ، وهذا يعين أن يكون سكون " يستخلف " جزما ، ولذلك لم يذكر الزمخشري غيره ؛ لأنه ذكر جزم الفعلين ، ولما لم يذكر أبو البقاء الجزم في " تضرونه " جوز الوجهين في " يستخلف " .

و " شيئا " مصدر ، أي : شيئا من الضرر .

التالي السابق


الخدمات العلمية