صفحة جزء
آ . (69) قوله تعالى : قالوا سلاما : في نصبه وجهان ، أحدهما : أنه مفعول به ، ثم هو محتمل لأمرين ، أحدهما : أن يراد قالوا هذا اللفظ بعينه ، وجاز ذلك لأنه يتضمن معنى الكلام . والثاني : أنه أراد قالوا معنى هذا اللفظ ، وقد تقدم ذلك في نحو قوله تعالى : وقولوا حطة . وثاني الوجهين : أن يكون منصوبا على المصدر بفعل محذوف ، وذلك الفعل في محل نصب بالقول ، تقديره : قالوا : سلمنا سلاما ، وهو من باب ما ناب فيه المصدر عن العامل فيه ، وهو واجب الإضمار .

[ ص: 352 ] قوله : قال سلام في رفعه وجهان ، أحدهما : أنه مبتدأ وخبره محذوف ، أي : سلام عليكم . والثاني : أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي : أمري أو قولي سلام . وقد تقدم أول هذا الموضع أن الرفع أدل على الثبوت من النصب ، والجملة بأسرها - وإن كان أحد جزأيها محذوفا - في محل نصب بالقول كقوله :


2676 - إذا ذقت فاها قلت طعم مدامة ... ... ... ...

وقرأ الأخوان : " قال سلم " هنا وفي سورة الذاريات بكسر السين وسكون اللام . ويلزم بالضرورة سقوط الألف فقيل : هما لغتان كحرم وحرام وحل وحلال ، وأنشد :


2677 - مررنا فقلنا إيه سلم فسلمت     كما اكتل بالبرق الغمام اللوائح

يريد : سلام ، بدليل : فسلمت . وقيل : " السلم " بالكسر ضد الحرب ، وناسب ذلك لأنه نكرهم فقال : أنا مسالمكم غير محارب لكم .

قوله : فما لبث يجوز في " ما " هذه ثلاثة أوجه ، أظهرها : أنها نافية ، وفي فاعل " لبث " حينئذ وجهان ، أحدهما : أنه ضمير إبراهيم عليه السلام ، أي : فما لبث إبراهيم ، وإن جاء على إسقاط الخافض ، فقدروه بالباء وبـ " عن " وبـ " في " ، أي : فما تأخر في أن ، أو بأن ، أو عن أن . والثاني : أن [ ص: 353 ] الفاعل قوله : " أن جاء " ، والتقدير : فلما لبث ، أي : ما أبطأ ولا تأخر مجيئه بعجل سمين .

وثاني الأوجه : أنها مصدرية ، وثالثها : أنها بمعنى الذي . وهي في الوجهين الأخيرين مبتدأ ، وإن جاء خبره على حذف مضاف تقديره : فلبثه - أو الذي لبثه - قدر مجيئه .

والحنيذ : المشوي بالرصف في أخدود . حنذت الشاة أحنذها حنذا فهي حنيذ ، أي محنوذة . وقيل : حنيذ بمعنى يقطر دسمه من قولهم : حنذت الفرس ، أي : سقته شوطا أو شوطين وتضع عليه الجل في الشمس ليعرق .

التالي السابق


الخدمات العلمية