صفحة جزء
آ . (71) قوله تعالى : وامرأته قائمة : في محل نصب على الحال من مرفوع " أرسلنا " . وقال أبو البقاء : " من ضمير الفاعل في " أرسلنا " وهي عبارة غير مشهورة ، إذ مفعول ما لم يسم فاعله لا يطلق عليه فاعل على المشهور ، وعلى الجملة فجعلها حالا غير واضح بل هي استئناف إخبار ، ويجوز جعلها حالا من فاعل " قالوا " أي : قالوا ذلك في حال قيام امرأته .

قوله : فضحكت العامة على كسر الحاء ، وقرأ محمد بن زياد الأعرابي - رجل من مكة - بفتحها ، وهي لغتان ، يقال : ضحك وضحك . وقال المهدوي : " الفتح غير معروف " . والجمهور على أن الضحك على بابه . واختلف أهل التفسير في سببه ، وقيل : بمعنى حاضت ، ضحكت الأرنب : أي : حاضت ، وأنكره أبو عبيدة وأبو عبيد والفراء . وأنشد غيرهم على ذلك : [ ص: 355 ]

2681 - وضحك الأرانب فوق الصفا كمثل دم الجوف يوم اللقا

وقال آخر :


2682 - وعهدي بسلمى ضاحكا في لبانة     ولم يعد حقا ثديها أن يحملا

أي : حائضا . وضحكت الكافورة : تشققت . وضحكت الشجرة : سال صمغها . وضحك الحوض : امتلأ وفاض . وظاهر كلام أبي البقاء أن ضحك بالفتح مختص بالحيض فإنه قال : " بمعنى حاضت ، يقال : ضحكت الأرنب بفتح الحاء " .

قوله : يعقوب قرأ ابن عامر وحمزة وحفص عن عاصم بفتح الباء ، والباقون برفعها . فأما القراءة الأولى فاختلفوا فيها : هل الفتحة علامة نصب أو جر ؟ والقائلون بأنها علامة نصب اختلفوا : فقيل : هو منصوب عطفا على قوله : " بإسحاق " قال الزمخشري : " كأنه قيل : ووهبنا له إسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب على طريقة قوله :


2683 - ... ... ... ... ليسوا مصلحين عشيرة     ولا ناعب ... ... ... ...

يعني أنه عطف على التوهم فنصب ، كما عطف الشاعر على توهم وجود الباء في خبر " ليس " فجر ، ولكنه لا ينقاس . وقيل : هو منصوب بفعل مقدر تقديره : ووهبنا يعقوب ، وهو على هذا غير داخل في البشارة . ورجح [ ص: 356 ] الفارسي هذا الوجه . وقيل : هو منصوب عطفا على محل " بإسحاق " لأن موضعه نصب كقوله : وأرجلكم بالنصب عطفا على " برءوسكم " . والفرق بين هذا والوجه الأول : أن الأول ضمن الفعل معنى : " وهبنا " توهما ، وهنا باق على مدلوله من غير توهم .

ومن قال بأنه مجرور جعله عطفا على " بإسحاق " والمعنى : أنها بشرت بهما . وفي هذا الوجه والذي قبله بحث : وهو الفصل بالظرف بين حرف العطف والمعطوف ، وقد تقدم ذلك مستوفى في النساء فعليك بالالتفات إليه .

ونسب مكي الخفض للكسائي ثم قال : " وهو ضعيف إلا بإعادة الخافض ، لأنك فصلت بين الجار والمجرور بالظرف " .

قوله : " بإعادة الخافض " ليس ذلك لازما ، إذ لو قدم ولم يفصل لم يلتزم الإتيان به .

وأما قراءة الرفع ففيها أوجه ، أحدها : أنه مبتدأ وخبره الظرف السابق فقدره الزمخشري " مولود أو موجود " وقدره غيره بكائن . ولما حكى النحاس هذا قال : " والجملة حال داخلة في البشارة أي : فبشرناها بإسحاق متصلا به يعقوب " . والثاني : أنه مرفوع على الفاعلية بالجار قبله ، وهذا يجيء [ ص: 357 ] على رأي الأخفش . والثالث : أن يرتفع بإضمار فعل أي : ويحدث من وراء إسحاق يعقوب ، ولا مدخل له في البشارة . والرابع : أنه مرفوع على القطع يعنون الاستئناف ، وهو راجع لأحد ما تقدم من كونه مبتدأ وخبرا ، أو فاعلا بالجار بعده ، أو بفعل مقدر .

التالي السابق


الخدمات العلمية