صفحة جزء
[ ص: 382 ] آ . (98) قوله تعالى : فأوردهم : يجوز أن تكون هذه المسألة من باب الإعمال ، وذلك أن " يقدم " يصلح أن يتسلط على " النار " بحرف الجر ، أي : يقدم قومه إلى النار ، وكذا " أوردهم " يصح تسلطه عليها أيضا ، ويكون قد أعمل الثاني للحذف من الأول ، ولو أعمل الأول لتعدى بـ إلى ، ولأضمر في الثاني ، ولا محل لـ " أورد " لاستئنافه ، وهو ماض لفظا مستقبل معنى ؛ لأنه عطف على ما هو نص في الاستقبال . والهمزة في " أورد " للتعدية ، لأنه قبلها يتعدى لواحد . قال تعالى : ولما ورد ماء مدين وقيل : أوقع الماضي هنا لتحققه . وقيل : بل هو ماض على حقيقته ، وهذا قد وقع وانفصل وذلك أنه أوردهم في الدنيا النار . قال تعالى : النار يعرضون عليها . وقيل : أوردهم موجبها وأسبابها ، وفيه بعد لأجل العطف بالفاء .

والورد : يكون مصدرا بمعنى الورود ، ويكون بمعنى الشيء المورد كالطحن والرعي . ويطلب أيضا على الوارد ، وعلى هذا إن جعلت الورد مصدرا أو بمعنى الوارد فلا بد من حذف مضاف تقديره : وبئس مكان الورد المورود ، وهو النار ، وإنما احتيج إلى هذا التقدير لأن تصادق فاعل نعم وبئس ومخصوصها شرط ، لا يقال : نعم الرجل الفرس . وقيل : بل المورود صفة للورد ، والمخصوص بالذم محذوف تقديره : بئس الورد المورود النار ، جوز من ذلك أبو البقاء وابن عطية ، وهو ظاهر كلام الزمخشري . وقيل : التقدير : بئس القوم المورود بهم هم ، فعلى هذا " الورد " مراد به الجمع [ ص: 383 ] الواردون ، والمورود صفة لهم ، والمخصوص بالذم الضمير المحذوف وهو " هم " ، فيكون ذلك للواردين لا لموضع الورد كذا قاله الشيخ . وفيه نظر لا يخفى : كيف يراد بالورد الجمع الواردون ، ثم يقول والمورود صفة لهم ؟ وفي وصف مخصوص نعم وبئس خلاف بين النحويين منعه ابن السراج وأبو علي .

التالي السابق


الخدمات العلمية