صفحة جزء
آ . (9) قوله تعالى : أرضا : فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : أن تكون منصوبة على إسقاط الخافض تخفيفا أي : في أرض كقوله تعالى : لأقعدن لهم صراطك ، وقوله :


2741 - ... ... ... ...

[ ص: 444 ] .... كما عسل الطريق الثعلب

وإليه ذهب الحوفي وابن عطية . والثاني : النصب على الظرفية . قال الزمخشري : " أرضا منكورة مجهولة بعيدة من العمران ، وهو معنى تنكيرها وإخلائها من الناس ، ولإبهامها من هذا الوجه نصبت نصب الظروف المبهمة " . وقد رد ابن عطية هذا الوجه فقال : " وذلك خطأ ؛ لأن الظرف ينبغي أن يكون مبهما ، وهذه ليست كذلك بل هي أرض مقيدة بأنها بعيدة أو قاصية أو نحو ذلك ، فزال بذلك إبهامها ومعلوم أن يوسف لم يخل من الكون في أرض ، فتبين أنهم أرادوا أرضا بعيدة غير التي هو فيها قريب من أبيه " .

واستحسن الشيخ هذا الرد وقال : " وهذا الرد صحيح لو قلت : جلست دارا بعيدة أو مكانا بعيدا لم يصح إلا بواسطة " في " ، ولا يجوز حذفها إلا في ضرورة شعر ، أو مع " دخلت " على الخلاف في " دخلت " أهي لازمة أم متعدية ؟ " .

قلت : وفي الكلامين نظر ؛ إذ الظرف المبهم عبارة عما ليس له حدود تحصره ولا أقطار تحويه ، و " أرضا " في الآية الكريمة من هذا القبيل .

الثالث : أنها مفعول ثان ، وذلك إن تضمن " اطرحوه " أنزلوه ، وأنزلوه يتعدى لاثنين قال تعالى : أنزلني منزلا مباركا . وتقول : أنزلت زيدا الدار .

[ ص: 445 ] والطرح : الرمي ، ويعبر به عن الاقتحام في المخاوف . قال عروة بن الورد :


2742 - ومن يك مثلي ذا عيال ومقترا     من المال يطرح نفسه كل مطرح

و " يخل لكم " جواب الأمر ، وفيه الإدغام والإظهار ، وقد تقدم تحقيقهما عند قوله تعالى : يبتغ غير الإسلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية