صفحة جزء
آ . (10) قوله تعالى : في غيابت : قرأ نافع " غيابات بالجمع في الحرفين من هذه السورة ، جعل ذلك المكان أجزاء ، وسمي كل جزء غيابة ، والباقون بالإفراد وهو واضح . وابن هرمز . كنافع إلا أنه شدد الياء . والأظهر في هذه القراءة أن يكون سمي باسم الفاعل الذي للمبالغة فهو وصف في الأصل . وألحقه الفارسي بالاسم الجائي على فعال نحو ما ذكر سيبويه من " الفياد " . قال ابن جني : " ووجدت من ذلك " الفخار " : الخزف " . وقال صاحب " اللوامح : " يجوز أن يكون على فعالات كحمامات ، ويجوز أن يكون على فيعالات كشيطانات جمع شيطانة ، وكل للمبالغة " .

وقرأ الحسن : " غيبة " بفتح الياء ، وفيها احتمالان ، أحدهما : أن تكون [ ص: 446 ] في الأصل مصدرا كالغلبة . والثاني : أن يكون جمع غائب نحو : صانع وصنعة . قال الشيخ : " وفي حرف أبي " غيبة " بسكون الياء ، وهي ظلمة الركية " . قلت : والضبط أمر حادث فكيف يعرف ذلك في المصحف ؟ وقد تقدم نحو من ذلك فيما تقدم .

والغيابة : قال الهروي : " شبه لجف أو طاق في البئر فويق الماء يغيب ما فيه عن العيون . وقال الكلبي : " الغيابة تكون في قعر الجب ؛ لأن أسفله واسع ورأسه ضيق فلا يكاد الناظر يرى ما في جوانبه " . وقال الزمخشري : " هي غوره وما غاب منه عن عين الناظر وأظلم من أسفله ، قال المنخل :


2743 - فإن أنا يوما غيبتني غيابتي فسيروا بسيري في العشيرة والأهل

أراد : غيابة حفرته التي يدفن فيها . والجب : البئر التي لم تطو ، وتسميته بذلك : إما لكونه محفورا في جبوب الأرض أي : ما غلظ منها ، وإما لأنه قطع في الأرض ، ومنه الجب في الذكر .

وقال الأعشى :


2744 - لئن كنت في جب ثمانين قامة     ورميت أسباب السماء بسلم

ويجمع على جببة وجباب وأجباب .

قوله : يلتقطه بعض [السيارة] قرأ العامة " يلتقطه " بالياء من تحت [ ص: 447 ] وهو الأصل . وقرأ الحسن ومجاهد وأبو رجاء وقتادة بالتاء من فوق لتأنيث المعنى ، ولإضافته إلى مؤنث ، وقالوا : " قطعت بعض أصابعه " ، وقال الشاعر :


2745 - إذا بعض السنين تعرقتنا     كفى الأيتام فقد أبي اليتيم

وقد تقدم الكلام بأوسع من هذا في الأنعام والأعراف . ومفعول " فاعلين " محذوف أي : فاعلين ما يحصل غرضكم .

والسيارة ، جمع " سيار " ، وهو مثال مبالغة .

والالتقاط : تناول الشيء المطروح ، ومنه : " اللقطة " واللقيط . وقال الشاعر :


2746 - ومنهل وردته التقاطا      ... ... ... ...

التالي السابق


الخدمات العلمية