صفحة جزء
آ . (12) قوله تعالى : يرتع ويلعب : فيها أربع عشرة قراءة إحداها : قراءة نافع بالياء من تحت وكسر العين . الثانية : قراءة البزي عن ابن كثير " نرتع ونلعب " بالنون وكسر العين . الثالثة : قراءة قنبل ، وقد اختلف عليه فنقل عنه ثبوت الياء بعد العين وصلا ووقفا وحذفها وصلا ووقفا ، فيوافق البزي في أحد الوجهين عنه ، فعنه قراءتان . الخامسة : قراءة أبي عمرو وابن عامر " نرتع ونلعب " بالنون وسكون العين والباء . السادسة : قراءة الكوفيين : " يرتع ويلعب " بالياء من تحت وسكون العين والباء .

وقرأ جعفر بن محمد " نرتع " بالنون " ويلعب " بالياء ، ورويت عن ابن كثير . وقرأ العلاء بن سيابة " يرتع ويلعب " بالياء فيهما وكسر العين وضم الباء . وقرأ مجاهد وقتادة وابن محيصن " نرتع " بضم النون وسكون العين والباء . وقرأ أبو رجاء كذلك ، إلا أنه بالياء من تحت فيهما . والنخعي ويعقوب " نرتع " بالنون و " يلعب " بالياء . والفعلان في هذه القراءات كلها مبني للفاعل .

وقرأ زيد بن علي " يرتع ويلعب " بالياء من تحت مبنيين للمفعول . وقرئ " نرتعي ونلعب " بثبوت الياء ورفع الباء . وقرأ ابن أبي عبلة " نرعي ونلعب " فهذه أربع عشرة قراءة ، منها ست في السبع المتواتر وثمان في الشاذ .

فمن قرأ بالنون أسند الفعل إلى إخوة يوسف ، ومن قرأ بالياء أسند الفعل إليه دونهم ، ومن كسر العين اعتقد أنه جزم بحذف حرف العلة ، وجعله مأخوذا [من] يفتعل من الرعي كيرتمي من الرمي . ومن سكن العين اعتقد [ ص: 450 ] أنه جزمه بحذف الحركة وجعله مأخوذا من رتع يرتع إذا اتسع في الخصب قال :


2747 - ... ... ... ... وإذا يخلو له لحمي رتع

ومن سكن الباء جعله مجزوما ، ومن رفعها جعله مرفوعا على الاستئناف أي : وهو يلعب ، ومن غاير بين الفعلين فقرأ بالياء من تحت في " يلعب " دون " نرتع " فلأن اللعب مناسب للصغار . ومن قرأ : " نرتع " رباعيا جعل مفعوله محذوفا ، أي : نرعي مواشينا ، ومن بناها للمفعول فالوجه أنه أضمر المفعول الذي لم يسم فاعله وهو ضمير الغد ، والأصل : نرتع فيه ونلعب فيه ، ثم اتسع فيه فحذف حرف الجر فتعدى إليه الفعل بنفسه فصار : نرتعه ونلعبه ، فلما بناه للمفعول قام الضمير المنصوب مقام فاعله فانقلب مرفوعا واستتر في رافعه ، فهو في الاتساع كقوله :


2748 - ويوم شهدناه سليمى وعامرا      ... ... ... ...

ومن رفع الفعلين جعلهما حالين ، وتكون حالا مقدرة . وأما إثبات الياء في " نرتعي " مع جزم " نلعب " وهي قراءة قنبل فقد تجرأ بعض الناس وردها ، وقال ابن عطية : " هي قراءة ضعيفة لا تجوز إلا في الشعر " وقيل : هي لغة من يجزم بالحركة المقدرة وأنشد :


2749 - ألم يأتيك والأنباء تنمي      ... ... ... ...

[ ص: 451 ] وقد تقدمت هذه المسألة مستوفاة .

و " نرتع " يحتمل أن يكون وزنه تفتعل من الرعي وهو أكل المرعى ، ويكون على حذف مضاف : نرتع مواشينا ، أو من المراعاة للشيء قال :


2750 - ترتعي السفح فالكثيب فذا قا     ر فروض القطا فذات الرئال

ويحتمل أن يكون وزنه نفعل من : رتع يرتع إذا أقام في خصب وسعة ، ومنه قول الغضبان بن القبعثرى : " القيد والرتعة وقلة المنعة " وقال الشاعر :


2751 - أكفرا بعد رد الموت عني     وبعد عطائك المائة الرتاعا

قوله : وإنا له لحافظون جملة حالية ، والعامل فيها أحد شيئين : إما الأمر ، وإما جوابه . فإن قلت : هل يجوز أن تكون المسألة من الإعمال لأن كلا من العاملين يصح تسلطه على الحال ؟ فالجواب : ذلك لا يجوز ، لأن الإعمال يستلزم الإضمار ، والحال لا تضمر ؛ لأنها لا تكون إلا نكرة أو مؤولة بها .

التالي السابق


الخدمات العلمية