صفحة جزء
آ . (15) قوله تعالى : فلما ذهبوا : يجوز في جوابها أوجه ، أحدها : أنه محذوف ، أي : عرفناه وأوصلنا إليه الطمأنينة . وقدره الزمخشري : " فعلوا به ما فعلوا من الأذى " وذكر حكاية طويلة . وقدره غيره : عظمت فتنتهم . وآخرون " جعلوه فيها " . وهذا أولى لدلالة الكلام عليه .

الثاني : أن الجواب مثبت ، وهو قوله قالوا يا أبانا إنا ذهبنا ، أي : لما كان كيت وكيت قالوا . وهذا فيه بعد لبعد الكلام من بعضه .

والثالث : أن الجواب هو قوله " وأوحينا " والواو فيه زائدة ، أي : فلما ذهبوا به أوحينا ، وهو رأي الكوفيين ، وجعلوا من ذلك قوله تعالى : فلما أسلما وتله ، أي : تله . وقوله : حتى إذا جاءوها فتحت وقول امرئ القيس :


2753 - فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى بنا بطن حقف ذي ركام عقنقل

أي : فلما أجزنا انتحى . وهو كثير عندهم بعد " لما " .

وقوله : أن يجعلوه مفعول " أجمعوا " ، أي : عزموا على أن يجعلوه ، أو عزموا أن يجعلوه ، لأنه يتعدى بنفسه وبعلى ، فـ " أن " يحتمل أن تكون على [ ص: 454 ] حذف الحرف ، وأن لا تكون ، فعلى الأول يحتمل موضعها النصب والجر ، وعلى الثاني يتعين النصب .

والجعل يجوز أن يكون بمعنى الإلقاء ، وأن يكون بمعنى التصيير ، فعلى الأول يتعلق " في غيابة " بنفس الفعل قبله ، وعلى الثاني بمحذوف . والفعل من قوله : " وأجمعوا " يجوز أن يكون معطوفا على ما قبله ، وأن يكون حالا ، و " قد " معه مضمرة عند بعضهم . والضمير في " إليه " الظاهر عوده على يوسف . وقيل : يعود على يعقوب .

وقرأ العامة : " لتنبئنهم " بتاء الخطاب . وقرأ ابن عمر بياء الغيبة ، أي : الله تعالى . قال الشيخ : " وكذا في بعض مصاحف البصرة " وقد تقدم أن النقط حادث ، فإن قال : مصحف حادث غير مصحف عثمان فليس الكلام في ذلك .

وقرأ سلام : " لننبئنهم " بالنون . و " هذا " صفة لأمرهم . وقيل : بدل . وقيل : بيان .

قوله : وهم لا يشعرون جملة حالية ، يجوز أن يكون العامل فيها " أوحينا " ، أي : أوحينا إليه من غير شعور بالوحي ، وأن يكون العامل فيها " لننبئنهم " ، أي : تخبرهم وهم لا يعرفونك لبعد المدة وتغير الأحوال .

التالي السابق


الخدمات العلمية