صفحة جزء
آ . (45) قوله تعالى : وادكر : فيه وجهان ، أظهرهما : أنها جملة حالية : إما من الموصول ، وإما من عائده وهو فاعل " نجا " . والثاني : أنها عطف على " نجا " فلا محل لها لنسقها على ما لا محل له .

والعامة على " ادكر " بدال مهملة مشددة وأصلها : اذتكر افتعل من الذكر ، فوقعت تاء الافتعال بعد الذال فأبدلت دالا فاجتمع متقاربان فأبدل الأول من جنس الثاني وأدغم . وقرأ الحسن البصري بذال معجمة . ووجهوها بأنه أبدل التاء ذالا من جنس الأولى وأدغم ، وكذا الحكم في " مدكر " كما سيأتي في سورته إن شاء الله تعالى .

والعامة على " أمة " بضم الهمزة وتشديد الميم وتاء منونة ، وهي المدة الطويلة . وقرأ الأشهب العقيلي بكسر الهمزة ، وفسروها بالنعمة ، أي : بعد [ ص: 508 ] نعمة أنعم بها عليه وهي خلاصه من السجن ونجاته من القتل ، وأنشد الزمخشري لعدي :


2798 - ثم بعد الفلاح والملك والإم مة وارتهم هناك القبور

وأنشد غيره :


2799 - ألا لا أرى ذا إمة أصبحت به     فتتركه الأيام وهي كما هيا

وقرأ ابن عباس وزيد بن علي وقتادة والضحاك وأبو رجاء " أمه " بفتح الهمزة وتخفيف الميم وهاء منونة من الأمه ، وهو النسيان ، يقال : أمه يأمه أمها وأمها بفتح الميم وسكونها ، والسكون غير مقيس .

وقرأ مجاهد وعكرمة وشبيل بن عزرة : " بعد أمه " بسكون الميم ، وقد تقدم أنه مصدر لأمه على غير قياس . قال الزمخشري : " ومن قرأ بسكون الميم فقد خطئ " . قال الشيخ : " وهذا على عادته في نسبته الخطأ إلى القراء " قلت : لم ينسب هو إليهم خطأ ؛ وإنما حكى أن بعضهم خطأ هذا القارئ فإنه قال : " خطئ " بلفظ ما لم يسم فاعله ، ولم يقل فقد أخطأ ، على أنه إذا صح أن من ذكره قرأ بذلك فلا سبيل إلى الخطأ إليه البتة . و " بعد " منصوب بـ " ادكر " .

قوله : أنا أنبئكم هذه الجملة هي المحكية بالقول . وقرأ العامة من [ ص: 509 ] الإنباء . والحسن " أنا آتيكم " مضارع أتى من الإتيان ، وهو قريب من معنى الأول .

التالي السابق


الخدمات العلمية