صفحة جزء
آ . (77) قوله تعالى : فقد سرق : الجمهور على " سرق " مخففا مبنيا للفاعل . وقرأ أحمد بن جبير الأنطاكي وابن أبي شريح عن الكسائي والوليد بن حسان عن يعقوب في آخرين " سرق " مشددا مبنيا للمفعول أي : نسب إلى السرقة . وفي التفسير : أن عمته ربته فأخذه أبوه منها ، فشدت في وسطه منطقة كانوا يتوارثونها من إبراهيم عليه السلام ففتشوا فوجدوها تحت ثيابه . فقال : هو لي فأخذته كما في شريعتهم ، وهذه القراءة منطبقة على هذا .

قوله : فأسرها الضمير المنصوب مفسر بسياق الكلام أي : فأسر الحزازة التي حصلت له من قولهم فقد سرق أخ له كقول الشاعر :


2814 - أما وي ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

والضمير في " حشرجت " يعود على النفس ، كذا ذكره الشيخ ، وقد جعل البيت مما فسر فيه الضمير بذكر ما هو كل لصاحب الضمير ، فلا يكون مما فسر فيه بالسياق . ولتحقيق هذا موضع آخر .

وقال الزمخشري : " إضمار على شريطة التفسير ، تفسيره أنتم شر [ ص: 536 ] مكانا ، وإنما أنث لأن قوله " شر مكانا " جملة أو كلمة على تسميتهم الطائفة من الكلام كلمة ، كأنه قيل : فأسر الجملة أو الكلمة التي هي قوله : أنتم شر مكانا ، لأن قوله : قال أنتم شر مكانا بدل من أسرها " . قلت : وهذا عند من يبدل الظاهر من المضمر في غير المرفوع نحو : ضربته زيدا ، والصحيح وقوعه ، كقوله :


2815 - فلا تلمه أن يخاف البائسا      ... ... ... ...

وقرأ عبد الله وابن أبي عبلة : " فأسره " بالتذكير . قال الزمخشري : " يريد القول أو الكلام " . وقال أبو البقاء : " المضمر يعود إلى نسبتهم إياه إلى السرقة ، وقد دل عليه الكلام ، وقيل : في الكلام تقديم وتأخير تقديره : قال في نفسه : أنتم شر مكانا ، وأسرها أي هذه الكلمة " . قلت : ومثل هذا ينبغي أن لا يقال : فإن القرآن ينزه عنه . قوله : مكانا تمييز أي : منزلة من غيركم .

التالي السابق


الخدمات العلمية